بدأت القوات الروسية هجومها على أوكرانيا فجر اليوم الخميس، وذلك بعد ساعات من اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باستقلال جمهوريتي دونيستك ولوهانسك. وحتى الآن لا أحد يعرف إلى أين ستصل الأمور، وما إذا كان بوتين سيتراجع أو سيواصل الغزو.
من جانبها بدأت الدول الغربية بفرض حزمة من العقوبات على روسيا بمجرد اعترافها باستقلال جمهوريتي دونيستك ولوهانسك. وبعد بدء الهجوم توعد الغرب موسكو بعقوبات غير مسبوقة وعزلها تمامًا عن النظام العالمي.
الحرب بدأت بالفعل، ولكن هناك تساؤل في غاية الأهمية، هل ستؤثر هذه الحرب على الشرق الأوسط؟ وما طبيعة هذا التأثير؟ وهل هناك فرص يمكن للعرب استغلالها خلال الأزمة؟
الغاز والنفط
تعتمد دول أوروبا بشكل كبير على صادرات الغاز الروسي في تلبية احتياجاتها الأساسية، إلا أن عزل روسيا بالعقوبات سيوقف تلك الصادرات؛ ما يعني أن على أوروبا البحث عن مصادر بديلة، فهل تجدها في الشرق الأوسط؟
يقول الدكتور ممدوح سلامة، خبير النفط والغاز، إن روسيا تعتمد على أوروبا بصفتها سوقًا رئيسةً لبيع الغاز، لكنها قد تستبدل أوروبا بالصين، خاصة أن روسيا وقعت عقودًا طويلة الأجل مع الجانب الصيني لتصدير الغاز الطبيعي، وتبقى المشكلة لدى أوروبا، وتحديدًا ألمانيا التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 65%.
ويشير “سلامة” إلى أن دول الغرب، بما فيها أمريكا، ينظرون إلى الدول العربية المنتجة للنفط والغاز مثل السعودية وقطر والجزائر وغيرها، على أنها حل بديل عن روسيا، ولكن الأمر ليس سهلًا لأسباب سياسية ولوجستية عديدة.
[two-column]
من المشكلات التي قد تواجه العالم وتحديدًا الدول العربية جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ملف الأمن الغذائي، إذ تُعد موسكو وكييف مركزين هامين في سوق المواد الزراعية عالميًا، فصادراتهما من القمح فقط تمثل حوالي 23% من حجم السوق العالمية.
[/two-column]
ويرى خبير النفط والغاز أن مفاوضات أمريكا مع قطر فيما يخص الغاز، تأتي لتخفيف حدة الضرر فقط، ولن تكون بديلًا كافيًا لحل الأزمة، خاصة أن مجموع صادرات أمريكا وقطر وأستراليا لا تكفي لسد حجم صادرات روسيا من الغاز إلى الاتحاد الأوروبي، كما أن قطر لديها عقود ملزمة مع دول أخرى في آسيا، بالإضافة إلى الصعوبات اللوجستية في إيصال الغاز إلى أوروبا، مما سيجعل الأوروبيين يدفعون كثيرًا مقابل الطاقة.
وتتطلع أمريكا حاليًا إلى أن تلعب الدول العربية المنتجة للنفط، وعلى رأسها السعودية، دورًا في منع الارتفاع الشديد في أسعار النفط عالميًا، وذلك من خلال زيادة حجم الإنتاج، لأن تقليله سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار التي بدأت ترتفع بالفعل، إذ سجلت أمس أعلى مستوى لها منذ 7 سنوات.
الأمن الغذائي
ولفت “سلامة” إلى تأثيرات ارتفاع النفط على أسعار الغذاء، وهو الأمر الذي ستتضرر منه الدول العربية تحديدًا؛ فوفقًا للإحصائيات، تستورد الدول العربية أكثر من 120 مليار طن من المواد الغذائية، معظمها من الولايات المتحدة، وبالتالي ستزيد تكاليف الاستيراد على هذه الدول، لينعكس بالسلب على عجز الميزان التجاري، وعليه سيكون الأثر مضاعفًا على الدول العربية غير المصدرة للنفط.
أما جوليان بارنز ديسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية، فيرى أن قدرة العرب على سد فجوة الطاقة في أوروبا محدودة، وأن على الدول العربية التعامل بحذر مع الأزمة للحفاظ على علاقاتها مع روسيا وعدم الانحياز إلى طرف ضد الآخر، لتحقيق أكبر قدر من استغلال الفرص التي ستتاح خلال هذه الأزمة دون خلق المزيد من الضغوط على نفسها.
من المشكلات التي قد تواجه العالم وتحديدًا الدول العربية جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ملف الأمن الغذائي، إذ تُعد موسكو وكييف مركزين هامين في سوق المواد الزراعية عالميًا، فصادراتهما من القمح فقط تمثل حوالي 23% من حجم السوق العالمية.
ومن جانبها تقول كيلي بيتيلو، محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن عواقب التصعيد في أوكرانيا ستكون وخيمة على الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي استحوذت على 40% من صادرات أوكرانيا من الذرة والقمح في عام 2021.
ولفتت “بيتيلو” إلى أن الدول العربية ستجد نفسها في مأزق حال تَوقُّف الإمدادات من أوكرانيا وروسيا، وعلى رأسها مصر، التي تعتبر أكبر مستورد للقمح في العالم، بجانب لبنان واليمن وعمان وليبيا وغيرها.
هل هناك بدائل؟
تقول محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن البدائل موجودة وأبرزها أمريكا وكندا وأستراليا، ولكنها بدائل باهظة التكاليف، وفي حال تَوفُّر الأموال للاستيراد من تلك الدول؛ ستظل الأزمة في امتلاك البنية التحتية المناسبة، من خلال البحث عن طرق بديلة غير البحر الأسود لدخول تلك الشحنات.
كيف سيدافع “الناتو” عن أوكرانيا ومتى سيتحرك؟
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.. ماذا قال العالم عن العملية العسكرية في دونباس؟
بالصور .. نزوح الأوكرانيين من “كييف” بعد بدء الهجمات الروسية