داخل مخيمات اللاجئين يعاني الناس من العنف الذي شاهدوه، وتركهم لبلادهم بحثًا عن الأمان لهم وذويهم في مكان آخر، ورغم كل ذلك، فإن النسبة الأكبر من اليأس والمشاعر السلبية يكون سببها الفقر المدقع.
الأثر النفسي الناجم عن الفقر وسوء التغذية كان أكثر من صدمات الحرب داخل المخيمات.. تفقد معظم الأسر طفلًا واحدًا على الأقل بسبب مرض متعلق بالفقر يمكن الوقاية منه، لكنهم لا يملكون تكلفة نقله إلى مستشفى أو شراء أدوية.. الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، يشعر الرجال بالخجل لعدم قدرتهم على إعالة أسرهم، وتشعر النساء باليأس لعدم قدرتهن على إطعام أطفالهن بشكل كافٍ.
دراسات وحقائق
لا ينطبق هذا فقط على اللاجئين.. فهذه الحقيقة موجودة في الدول المستقرة كما في البلدان التي مزقتها الحروب، يكون الفقر سببًا في ارتفاع معدلات القلق والاكتئاب والانتحار والمرض العقلي الشديد.
وفقًا لدراسة أُجريت في المملكة المتحدة فإن الأطفال المنتمين لأفقر 20% من الأسر، معرضين لصعوبات عقلية خطيرة عند بلوغهم 11 عامًا، 4 أضعاف مقارنة بمن ينتمون إلى 20% من الأسر الأكثر ثراءً.. وعلى الصعيد العالمي من المرجح أن يعاني الأشخاص ذوو الدخل المنخفض من القلق والاكتئاب والانتحار أكثر من ذوي الدخل المرتفع.
يمكننا معالجة هذه الاضطرابات بالعلاج النفسي والأدوية، لكن إذا لم تُعالج آثار الحرمان دون استهداف الفقر نفسه، فسيؤدي ذلك إلى مصدر لا ينتهي من الضيق والمشكلات العقلية والنفسية.
لماذا يعتبر الفقر شديد الضرر للصحة العقلية؟
تعاني العائلات التي تعيش في فقر من مستويات عالية دائمًا من الإجهاد بسبب انعدام الأمن الغذائي، والسكن المزدحم وغير الآمن، والرعاية الصحية غير المعقولة وذات الجودة الرديئة، والمدارس المتدنية، والتعرض للجريمة والعنف المجتمعي، وزيادة التعرض للمخاطر البيئية، مثل النفايات السامة.
غالبًا ما تأتي الوظائف منخفضة الأجر بأقل مستوى من الأمان الوظيفي، ومن المرجح أن تُفقد أثناء فترات الانكماش الاقتصادي والأزمات الأخرى، مثل جائحة كورونا، ويرتبط فقدان الوظيفة بالقلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات.
غالبًا ما يؤدي الفقر إلى مستويات عالية من التوتر بين الآباء وأفراد الأسرة، ما قد يؤدي بدوره إلى زيادة العنف الأسري، الأبوة القاسية، وإساءة معاملة الأطفال، ما يؤدي إلى صدمة قصيرة وطويلة الأمد للنساء والأطفال، وتهدد نمو الأطفال العاطفي والمعرفي والاجتماعي، فيتعرضوا لمجموعة من المشكلات الصحية النفسية والجسدية في وقت لاحق من حياتهم.
الحد من الفقر مفيد للصحة العقلية
هناك دليل واضح على أن الحد من الفقر يحسن الصحة النفسية، وقد تم إثبات ذلك في العديد من الدراسات في بيئات متنوعة من المجتمعات شديدة الفقر في البلدان منخفضة الدخل، إلى الأسر الفقيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.
يظهر ذلك في ارتباط الزيادات في الحد الأدنى للأجور بانخفاض معدل الانتحار، وتحسين الصحة العقلية وانخفاض التوتر وزيادة الرضا عن الحياة في بلدان أخرى، أيضًا توفير التأمين الصحي المجاني لغير المؤمن عليهم أدى إلى تحسين الصحة العقلية وانخفاض معدلات الاكتئاب، وبرامج مكافحة الفقر التي تشمل التحويلات النقدية جنبًا إلى جنب مع الموارد الأخرى، مثل التدريب على العمل وزيادة الوصول إلى الرعاية الصحية، لم تحسن الرفاهية الاقتصادية للمشاركين فحسب، بل زادت أيضًا من سعادتهم وقللت من ضائقتهم.
هل سوء الصحة النفسية يؤدي إلى الفقر؟
العلاقة بين الفقر والصحة النفسية متقاطعة، مثلما أن الفقر مضر بالصحة العقلية، فإن سوء الصحة العقلية تُصعّب من العمل وتزيد مخاطر فقدان الوظيفة وبالتالي الوقوع في الفقر، لذلك يجب الاعتماد على تدخلات الصحة النفسية للمساعدة في تخفيف المعاناة وتمكين الناس من العمل بشكل جيد والاستمرار في الإنتاج.
ما تأثيرات انستجرام على الصحة العقلية والنفسية؟