سياسة

عنف وحظر تجول.. ماذا يحدث في سوريا؟

فرضت السلطات السورية، اليوم الخميس، حظر تجول عام في مدينتي طرطوس وحمص حتى الجمعة، عقب اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن ومسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد في اللاذقية وجبلة، أسفرت عن مقتل 16 عنصراً من الأمن، وفق ما أفادت به مصادر رسمية.

وشهدت منطقة الساحل السوري، ذات الغالبية العلوية، تصاعدًا مفاجئًا في أعمال العنف، حيث هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لما وصفته الحكومة بـ«فلول النظام السابق» مواقع أمنية ونقاط تفتيش في ريف اللاذقية، وقالت وزارة الداخلية إن قواتها تمكنت من «صد الهجوم» في جبلة، بينما استمرت الاشتباكات في بعض المناطق الريفية، وسط إرسال تعزيزات عسكرية من وزارة الدفاع.

 ما الذي أدى إلى التصعيد؟

تأتي هذه التطورات بعد ثلاثة أشهر من سقوط نظام الأسد وتولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع السلطة، وسط محاولات حثيثة لإعادة توحيد البلاد بعد 13 عامًا من الحرب، غير أن المناطق التي كانت تُعد معاقل للنظام السابق، مثل اللاذقية وطرطوس، باتت بؤرًا ساخنة للتوترات الأمنية، حيث تواجه الحكومة الجديدة مقاومة من جماعات لا تزال موالية للأسد.

وقال مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية، مصطفى كنيفاتي، في بيان رسمي: «تعرضت قواتنا لهجوم مدروس من قبل فلول ميليشيات الأسد، مما أسفر عن سقوط العديد من الشهداء والمصابين». وأضاف أن المسلحين استهدفوا دوريات أمنية ونقاط تفتيش في جبلة ومحيطها، مشيرًا إلى أن «التعزيزات الأمنية نجحت في احتواء الهجوم في معظم المناطق».

 من يقف وراء الهجمات؟

بحسب مصادر أمنية، فإن المسلحين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن ينتمون إلى جماعات مرتبطة بقادة عسكريين سابقين في نظام الأسد، من بينهم سهيل الحسن، وهو ضابط بارز سابق في الجيش السوري.

ووفقًا لتقارير إعلامية، شنت القوات السورية حملة أمنية واسعة لاعتقال شخصيات بارزة من النظام السابق، كان من بينهم اللواء إبراهيم حويجة، رئيس المخابرات العامة السابق، الذي أُلقي القبض عليه في جبلة.

 تداعيات الاشتباكات على الوضع الأمني

لم تقتصر المواجهات على اللاذقية وجبلة، بل امتدت إلى مناطق أخرى مثل حي الدعتور في اللاذقية، حيث أفادت التقارير بأن قوات الأمن أحبطت كمينًا أسفر عن مقتل اثنين من عناصرها. كما شهدت مدن عدة، منها إدلب ودرعا وحمص، مظاهرات مؤيدة للحكومة الجديدة، وسط مطالبات بمزيد من الحزم في التعامل مع المسلحين.

وأظهرت مشاهد بثتها وسائل إعلام محلية أرتالًا عسكرية متجهة إلى الساحل السوري لتعزيز السيطرة الأمنية، بينما أعلنت السلطات استمرار العمليات ضد من تصفهم بـ«المجموعات التخريبية» التي تسعى لزعزعة الاستقرار.

 ما التحديات التي تواجه الحكومة الجديدة؟

يعد فرض الأمن والاستقرار في سوريا أحد أبرز التحديات أمام إدارة أحمد الشرع، لا سيما مع استمرار الاضطرابات في بعض المناطق التي كانت موالية للأسد. ويقول محللون إن هذه الاشتباكات تعكس صراعًا أوسع بين السلطة الجديدة والفصائل المسلحة التي لا تزال تتمسك بولائها للنظام السابق.

وقال الباحث السياسي، جهاد المصري، لـ«رويترز»: «هناك مخاوف من أن يؤدي تصاعد العنف إلى تدخلات خارجية، خاصة مع وجود حساسيات إقليمية تجاه الأوضاع في سوريا».

وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح الحكومة في احتواء الفصائل الموالية للأسد وإعادة الأمن، أم أن البلاد تتجه نحو موجة جديدة من الاضطرابات؟