يستمر العدوان الإسرائيلي غزة منذ أكثر من 15 شهرًا، مخلفة دمارًا هائلًا وأزمة إنسانية غير مسبوقة. يأتي هذا أثناء الانقسام في إسرائيل في خضم الجهود الدولية لإنهاء الصراع، إذ يقترب الطرفان من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ومع ذلك، يثير هذا الاتفاق المقترح جدلًا واسعًا في الداخل الإسرائيلي، فتنقسم الآراء بين أولئك الذين يرون فيه فرصة لإنقاذ الأرواح وإحلال السلام، وأولئك الذين يعارضونه بشدة خشية تعريض أمن البلاد للخطر.
الجدل حول صفقة تبادل الأسرى
مع اقتراب إسرائيل وحماس من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يزداد الجدل داخل إسرائيل بشأن شروط الصفقة. تتضمن الاتفاقية الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل تحرير عدد محدود من الأسرى الإسرائيليين. هذا أثار اعتراضات من بعض المجموعات، مثل “منتدى تيكفا”، التي تطالب بإطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة من دون تنازلات، معتبرة أن الحل العسكري هو الخيار الأفضل.
معارضة “منتدى تيكفا” للاتفاقية
تسفيكا مور، أحد مؤسسي المنتدى، يرى أن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين يمثل خطرًا أمنيًا على إسرائيل. يعتقد مور أن الصفقة لن تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين، بما في ذلك ابنه المحتجز في غزة، مشيرًا إلى أن إطلاق سراح قادة فلسطينيين في الماضي، مثل يحيى السنوار، أدى إلى تصعيد العنف. المنتدى يصر على ضرورة تحقيق تحرير الأسرى من “موقع قوة” دون تقديم تنازلات.
تفاصيل اتفاقية وقف إطلاق النار
الاتفاقية تنقسم إلى ثلاث مراحل تبدأ بإطلاق سراح 33 أسيرًا إسرائيليًا من النساء والأطفال وكبار السن، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين. يرى المؤيدون أنها خطوة نحو إنهاء معاناة الأسر، بينما يخشى المعارضون أن يؤدي الإفراج التدريجي إلى إهمال الأسرى المتبقين وتركهم في قبضة حماس لفترة أطول، مما يزيد من تعقيد الوضع.
تداعيات الحرب على غزة
الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023 أسفرت عن دمار هائل في غزة، حيث نزح حوالي 90% من السكان، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. بينما تقول إسرائيل إنها أضعفت حماس بشدة من خلال تدمير الأنفاق وقتل قادتها، تظل الحركة قوية ومسيطرة على الأرض، مما يعقد أي خطط لإعادة إعمار غزة أو نقل السلطة إلى جهة فلسطينية أخرى.
الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية
الخلاف حول الصفقة يعكس انقسامًا سياسيًا داخل الحكومة الإسرائيلية. شركاء نتنياهو في الائتلاف الحاكم، مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هددوا بإسقاط الحكومة إذا تمت الموافقة على الصفقة. يعتبر هؤلاء السياسيون أن الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين يمثل تهديدًا أمنيًا خطيرًا لإسرائيل.
دور المجتمع الدولي
دوليًا، تدعم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الجهود الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار، مشددة على أهمية إعادة إعمار غزة. في المقابل، يسعى الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى تقديم نفسه كوسيط سلام، مدعيًا أن انتخابه كان عاملًا محفزًا للمفاوضات. لكن التحديات لا تزال قائمة، بما في ذلك استمرار الحصار وتصاعد التوترات في الضفة الغربية.
أخيرًا
تضع صفقة تبادل الأسرى إسرائيل أمام تحديات كبيرة بين تحقيق الأمن القومي وتلبية مطالب العائلات الإسرائيلية. بينما يسعى البعض لاستغلال الفرصة لإنهاء الحرب، يخشى آخرون أن تكون التنازلات بداية لجولات جديدة من الصراع. المستقبل يبدو غامضًا في ظل الانقسامات الداخلية والضغوط الدولية المتزايدة.