أحداث جارية اقتصاد السعودية

«المصافحة الذهبية».. ما هي؟ وكيف تعمل؟

تستعد الجهات الحكومية في المملكة العربية السعودية لإطلاق برنامج جديد يحمل اسم «المصافحة الذهبية»، في خطوة تهدف إلى تطوير آليات العمل الحكومي وتعزيز العدالة في التعامل مع موظفي القطاع العام.

ويسعى هذا البرنامج، الذي سيتعاون في تنفيذه عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، إلى تحديد الحوافز المالية وتنظيم الشروط المتعلقة بالاستقالة، مما سيمثل نقطة تحول في آليات الانتقال الوظيفي داخل القطاع الحكومي.

ما هو برنامج «المصافحة الذهبية»؟

«المصافحة الذهبية» هو برنامج مستقى من بعض الممارسات المتبعة في الشركات الكبرى بالقطاع الخاص، حيث يتم منح حوافز مالية كبيرة للمديرين التنفيذيين عند مغادرتهم للوظيفة. ولكن في القطاع الحكومي، يهدف البرنامج إلى تنظيم هذا النوع من الحوافز بما يتماشى مع الواقع العام للموظفين الحكوميين، وذلك من خلال تحديد معايير دقيقة للحوافز وشروطها.

يُعد البرنامج خطوة تنظيمية لمشاكل العمالة في القطاع العام، حيث يعمل على تنظيم إجراءات استقالة الموظفين الذين يعملون ضمن سلالم الخدمة المدنية. كما يوفر حوافز مالية تشجيعية للموظفين الذين يقررون مغادرة وظائفهم، مما يساهم في تحسين بيئة العمل وجذب الكفاءات.

كيف تعمل «المصافحة الذهبية»؟

يعد مفهوم المصافحة الذهبية جزءًا من حوافز مالية تتضمنها عقود بعض الموظفين التنفيذيين في الشركات الكبرى، ويهدف هذا البند إلى توفير حزمة تعويضات كبيرة للموظف في حال فقدانه لوظيفته لأسباب متعددة مثل الطرد، التسريح، أو حتى التقاعد. في معظم الحالات، يتم التفاوض على هذا البند قبل توقيع العقد، ليكون تعويضا مجزيا عند مغادرة المنصب.

هذه الحوافز المالية ليست مقتصرة على المديرين التنفيذيين فقط، بل تتعداها في بعض الأحيان لتشمل الموظفين في المناصب العليا في الشركات. وفي بعض الحالات، قد تتضمن المدفوعات المقدمة ضمن المصافحة الذهبية أموالًا نقدية، أو خيارات أسهم، أو أي شكل من أشكال التعويض يتم الاتفاق عليه بين الموظف والشركة.

على سبيل المثال، في عام 1989، دفعت شركة «آر. جي. رينولدز نابيسكو» مبلغًا قدره 50 مليون دولار لـ«ف. روس جونسون» بموجب بند المصافحة الذهبية. هذه الحوافز يمكن أن تكون أداة فعالة لجذب المديرين التنفيذيين الذين قد لا يكونون قد حصلوا على وظائف بالفعل داخل الشركة، حيث تضمن لهم تعويضا ضخما في حال مغادرتهم للمنصب.

هل هناك اعتبارات خاصة للموظفين غير التنفيذيين؟

بينما تُعد المصافحة الذهبية ميزة تتعلق في المقام الأول بالمديرين التنفيذيين، غير أنه في بعض الحالات، قد يحصل بعض الموظفين الآخرين على ما يُشبه هذه الحوافز. وعلى الرغم من أن هذه الحزم عادةً ما تكون أقل بكثير مقارنة بتلك التي يحصل عليها المديرون التنفيذيون، فإنها تعد «المصافحة الفضية» بديلًا جيدًا لأولئك الذين يقررون مغادرة وظائفهم.

ومن الأمثلة التي يمكن الإشارة إليها، شركات صناعة السيارات التي قد تقوم بشراء عقود العاملين في النقابات العمالية. يساعد هذا الأمر في توفير رأس المال اللازم لتوظيف عمال جدد بتكاليف أقل. كما قد يُعرض على الموظفين الذين يُجبرون على التقاعد المبكر حزم تعويضات مغرية تعينهم في مرحلة الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياتهم المهنية.

أمثلة على «المصافحة الذهبية» في الواقع

تمثل «المصافحة الذهبية» مادة خصبة للأخبار، خاصة عندما يتبين أن المديرين التنفيذيين لم يحققوا الأهداف المقررة، أو عندما تتعرض الشركات لأزمات في العلاقات العامة أو أزمات مالية. فيما يلي بعض الأمثلة البارزة:

  • شركة بريتيش بتروليوم

في عام 2010، تعرضت شركة «بريتيش بتروليوم» لحادث انفجار في منصة حفر النفط «ديب ووتر هورايزون» في خليج المكسيك. أسفر الحادث عن خسائر تفوق 69 مليار دولار للشركة. وبعد الحادث، تم إقالة الرئيس التنفيذي للشركة، «توني هايوارد»، لكنه حصل على حزمة تعويضات تشمل 1.5 مليون دولار نقدًا، بالإضافة إلى استمراره في خطته التقاعدية التي تقدّر بحوالي 17 مليون دولار.

  • شركة ميريل لينش

في 2007، أثناء الأزمة المالية العالمية، تم إقالة «ستانلي أونيل»، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «ميريل لينش»، بعد خسائر ضخمة تكبدتها الشركة نتيجة لتعاملاتها مع سوق الرهن العقاري. على الرغم من الأزمة، حصل «أونيل» على حزمة تعويضات ضخمة بلغت 161.5 مليون دولار.

  • الأزمة المالية العالمية 2007-2008

خلال هذه الفترة، تكبدت العديد من البنوك الكبرى خسائر مالية نتيجة للإدارة السيئة والمخاطر العالية التي تعاملت معها. ورغم ذلك، حصل كبار المديرين التنفيذيين على تعويضات ضخمة بموجب عقود المصافحة الذهبية، مما أثار غضب المساهمين الذين شاهدوا استثماراتهم تتلاشى بينما احتفظ هؤلاء التنفيذيون بحزم تعويضاتهم الكبيرة.