لطالما سمعنا أن “الجلوس هو التدخين الجديد”، لكن دراسة جديدة كشفت أن الوقوف لفترات طويلة في العمل قد يكون له تأثيرات سلبية على صحة القلب. تشير الدراسة، التي نشرت في مجلة Medicine & Science in Sports & Exercise، إلى أن الوقوف لفترات طويلة مرتبط بارتفاع ضغط الدم على مدار 24 ساعة، في حين أن الجلوس لفترات طويلة قد يكون له تأثيرات أكثر إيجابية على صحة القلب، وفقًا لما ورد في موقع Health المتخصص في الصحة.
الوقوف ليس دائمًا الخيار الأفضل لصحة القلب
أجريت الدراسة في جامعة توركو بفنلندا وشملت 156 عاملًا تتراوح أعمارهم بين 60 و64 عامًا، معظمهم من النساء (80%) ومن أصحاب الوظائف غير اليدوية (75%). ارتدى المشاركون أجهزة قياس النشاط على أفخاذهم لتصنيف أنشطتهم اليومية إلى أربع فئات:
- الجلوس: يتضمن الاستلقاء أو الجلوس.
- الوقوف.
- النشاط البدني الخفيف: مثل المشي البطيء.
- النشاط البدني المعتدل إلى المكثف: مثل الركض أو صعود السلالم.
كما تم قياس ضغط الدم كل 30 دقيقة على مدار 24 ساعة باستخدام أجهزة قياس محمولة. وأظهرت النتائج أن الجلوس لفترات طويلة في العمل مرتبط بانخفاض ضغط الدم الانبساطي (الرقم السفلي في قراءة الضغط) على مدار 24 ساعة، بينما ارتبط الوقوف أو الحركة الخفيفة بارتفاع ضغط الدم.
ما العلاقة بين الوقوف وضغط الدم؟
أوضح الباحثون أن الوقوف لفترات طويلة يؤدي إلى تجمع الدم في الساقين، مما يزيد من عبء العمل على القلب لضخ الدم مرة أخرى إلى الجسم. هذا الجهد الإضافي يمكن أن يسبب إجهادًا للأوعية الدموية والقلب مع مرور الوقت. كما أوضح د. موستالي دهودوالا، أخصائي القلب، أن هذه الظاهرة، المعروفة باسم “ركود الأوردة”، تؤثر على نظام القلب والأوعية الدموية بشكل عام.
التوازن بين الجلوس والوقوف: نصائح عملية
لحماية الصحة أثناء العمل، ينصح الخبراء بمزيج من الجلوس، الوقوف، والحركة. إليك بعض النصائح العملية:
- للأعمال المكتبية:التحرك لمدة 5-10 دقائق كل ساعة.
- استخدام الاجتماعات كفرصة للمشي.
- للأعمال البدنية:أخذ فترات راحة منتظمة للجلوس.
- ارتداء الجوارب الضاغطة لتحسين تدفق الدم.
- النشاط البدني المنتظم:ممارسة ما لا يقل عن 200 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أسبوعيًا.
- تجنب الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة دون حركة.
ما هي الجوانب الأخرى التي تؤثر على صحة القلب؟
أشار الخبراء إلى أن تأثير الجلوس أو الوقوف على صحة القلب يمكن أن يختلف بناءً على عوامل أخرى، مثل طبيعة العمل، العمر، والحالة الصحية العامة. كما أظهرت أبحاث سابقة أن تقليل الوقت الذي نقضيه جالسين وزيادة النشاط البدني يمكن أن يحسن صحة القلب. ومع ذلك، أظهرت مراجعة في 2020 أن استبدال الجلوس بالوقوف يقلل بشكل طفيف من مستويات السكر في الدم والدهون، لكنه لم يظهر تأثيرًا كبيرًا على ضغط الدم أو الوزن.
ماذا تقول لنا هذه الدراسة؟
على الرغم من النتائج التي تشير إلى تأثير الوقوف السلبي على ضغط الدم، إلا أن الخبراء يتفقون على أهمية الاعتدال. يجب أن يتخلل يوم العمل فترات من الحركة، الجلوس، والراحة. وأكد د. باسم رملاوي رئيس جراحة القلب والأوعية الدموية والمدير المشارك لمعهد لانكيناو للقلب؛ على أهمية توفير الدعم الكافي للعاملين، سواء من خلال تقنيات الرفع الآمن أو توفير فترات راحة منتظمة لتخفيف الضغط على القلب والجسم.
أخيرًا
الدراسة الجديدة تسلط الضوء على أهمية التوازن بين الجلوس والوقوف في العمل. سواء كنت تعمل في مكتب أو في وظيفة تتطلب مجهودًا بدنيًا، فإن المفتاح للحفاظ على صحة القلب هو الجمع بين الحركة والراحة والنشاط البدني المعتدل. الاهتمام بهذه العادات اليومية يمكن أن يحميك من مشاكل القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.