المشي ليس مجرد وسيلة للانتقال من مكان إلى آخر، بل هو نشاط بدني يحمل فوائد عديدة تمتد إلى تحسين الصحة النفسية ، وله دور يشبه مضادات الاكتئاب.
أظهرت أبحاث حديثة أن المشي المنتظم، خاصة عند الوصول إلى 5000 خطوة يوميًا على الأقل، يمكن أن يُسهم في تقليل أعراض الاكتئاب وتحسين المزاج بشكل ملحوظ، حيث سلطت الدراسة المنشورة في ديسمبر ضمن JAMA Network Open الضوء على العلاقة الوثيقة بين النشاط البدني وتأثيره على مختلف أنواع الاكتئاب.
فوائد المشي في تقليل الاكتئاب
وفقًا للدراسة، فإن الأشخاص الذين يسيرون 5000 خطوة أو أكثر يوميًا يظهرون أعراض اكتئاب أقل مقارنةً بأولئك الذين يسيرون أقل من هذا العدد.
وقد كشفت الدراسة أن الأفراد الذين ساروا 7500 خطوة يوميًا شهدوا انخفاضًا بنسبة 42% في أعراض الاكتئاب.
كما أظهرت أن زيادة 1000 خطوة يوميًا فقط قد تقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب، مما يؤكد أهمية المشي كوسيلة لتحسين الصحة العقلية.
دراسات متعددة تؤكد الفوائد
في تحليل شمل 33 دراسة سابقة، جمع الباحثون بيانات عن أكثر من 96,000 شخص بالغ، حيث تضمنت هذه الدراسات قياسات لعدد الخطوات اليومية باستخدام أجهزة مثل الهواتف الذكية أو عدادات الخطوات أو الأجهزة القابلة للارتداء.
وأظهرت نتائج التحليل أن المشي المنتظم يساهم بشكل كبير في تحسين المزاج، مع تقليل ملحوظ في أعراض الاكتئاب بين الأفراد الذين يحققون خطوات يومية أكثر.
سهولة الوصول إلى المشي
يعتبر المشي من أسهل الأنشطة البدنية التي يمكن ممارستها دون الحاجة إلى معدات متخصصة أو عضوية في صالات رياضية.
ومن جانبه قال الدكتور سوبراترا توفار، عالم النفس وخبير اللياقة البدنية، إن المشي يشكل بديلاً منخفض الضغط للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الانخراط في تمارين رياضية منظمة، خاصة أن المشي لا يتطلب معرفة واسعة باللياقة البدنية، مما يجعله خيارًا متاحًا للجميع.
دمج المشي في الحياة اليومية
يمكن دمج المشي بسهولة في الأنشطة اليومية من خلال صعود السلالم بدلاً من المصعد، المشي بعد الوجبات، أو ركن السيارة بعيدًا عن وجهة الوصول. يوصي الخبراء بالبدء بأهداف صغيرة مثل 1000 إلى 2000 خطوة يوميًا، ثم زيادة العدد تدريجيًا بمقدار 500 خطوة كلما شعر الشخص بالاستعداد.
تأثير الطبيعة والمشي الجماعي
أظهرت دراسات أخرى أن المشي في بيئات طبيعية يُعزز التأثير الإيجابي على المزاج. الشعور بالاتصال بالطبيعة له تأثير مهدئ ومريح، مما يُضفي فوائد إضافية على الصحة النفسية.
كما أن المشي مع الآخرين يمكن أن يُساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية التي تلعب دورًا مهمًا في تقليل أعراض الاكتئاب.
المشي كجزء من العلاج الشامل
بالرغم من أن المشي يُعتبر وسيلة فعالة لتحسين المزاج، فإن الجمع بينه وبين العلاجات القياسية مثل مضادات الاكتئاب والعلاج النفسي قد يُعطي نتائج أفضل للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب.
ويقول الدكتور ديفيد ميريل، أخصائي الطب النفسي، إن المشي يُكمل العلاجات الأخرى ويعزز من فعاليتها، وليس أفضل دواء للاكتئاب كما يعرف