لم يكن سقوط نظام الأسد بمثابة انتهاء مرحلة سياسية فقط، بل وضع النهاية لإمبراطورية ضخمة للإتجار في مخدر “الكبتاغون” الذي اعتمد عليه بشار في تدعيم سلطته.
وكان الهدف من هذه التجارة هو نشر المخدر في الشرق الأوسط والذي يُعرف بكوكايين الفقراء.
ولسنوات، قاد نظام الأسد صناعة وتهريب المخدرات والتي شكّلت اقتصادًا موازيًا بأرباح تضخ تريليونات الدولارات بحجم يفوق اقتصاد الدولة المتدهور، وحصد منها على مكاسب تفوق 3 مرات ما احصل عليه عصابات المكسيك مجتمعة.
وكان شقيق بشار ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة، هو المُدير الأول لهذه العملية المعقدة، لكن بعد فرار الأسد وسيطرة المعارضة على مطابخ الكبتاغون الرئيسية، توقف الإنتاج وانخفض لنشاط لـ90% على الأقل، ولم يتبق على الأرض سوى لاعبين صغار على حدود عمان ودمشق.
وتم تخصيص شبكات عبور مظلمة لكل من لبنان الأردن العراق، والوجهة الرئيسة وهي دول الخليج وخصوصًا المملكة والإمارات.
وحاول الأسد قبيل عودته إلى الحضن العربي إبداء حسن النوايا بالكشف عن واحد من أِهر تجار المخدرات المطلوبين أمنيًا وهو مرعي الرمثان، وأعلن عن إغلاق مصنع واحد من بين الكثير.
ولن هذا لم يكن سوى الكشف فقط عن قمة جبل الجليد، وهي خطوة لم تتبعها خطوات أخرى، فيما استمرت تجارة الكبتاغون.
ولكن في الوقت الحالي من المستبعد أن تستمر انهيار صناعة هذا المخدر، وحذر الخبراء من اتجاه المليشيات لملء الفجوة التي تركها النظام نظرًا لحاجاتها إلى التمويل.
تاريخ عائلي في تجارة المخدرات
ويقول الباحث السياسي، عبدالله الأسعد، إن عائلة الأسد متورطة أيضًا في تجارة المخدرات منذ سنوات، ولم تكن مقتصرة على الرئيس المخلوع فقط.
وأضاف خلال مداخلة في برنامج “هنا الرياض” المُذاع على قناة الإخبارية، أنه يوجد مصانع كان يسيطر عليها أبناء الرئيس المخلوع نزار الأسد في منطقة الساحل والنهر الكبير الشمالي وبعض مناطق مثل الشير.
وتابع الأسعد: “هذه المناطق حتى الآن لم يتم الوصول إليها، وما تم الوصول إليه هي المصانع الموجودة في المنطقة الجنوبية في مقرات الفرقة الرابعة حيث كانوا ينتجون المخدرات.
وبالعودة إلى الوراء هناك واقعة لأحد رؤساء الدول العربية الذي ذهب إلى حافظ الأسد وأبلغه أن أحد الفروع الأمنية يُدير تجارة المخدرات، وفق قوله.
واستكمل الأسعد: “وخلال هذه الفترة أشارت العديد من الدول العربية لخطورة نظام الأسد نظرًا لوجود العديد من مصانع المخدرات على حدود البلاد”.
لاعبون وراء تحول سوريا لتجارة الكبتاغون
وفق الأسعد فإن السلطة الجديدة حاليًا لديها جهاز أمني قوي، وكان يساهم في تتبع حركة تجارة المخدرات داخليًا والتي كانت تُغضب السوريين لما تسببه من نشر لهذا المخدر بأسعار زهيدة جدًا لتخريب المجتمع السوري.
وعن الأطراف المساعدة لازدهار تلك التجارة، قال الأسعد إن عناصر من الأمن وحزب الله وكذلك من الأشخاص المنتشرين عبر الحدود.
وأضاف أن رؤساء الفروع وبعض رجال الأمن كانوا يساعدون النظام على انتشر معامل تصنيع الكبتاغون لأنها رخيصة التصنيع.
كما أن رؤساء الميليشيات ورجال الدفاع الوطني وقادة الفصائل الميليشاوية يساعدون بشكل كبير جدا على نشر التجارة التي تقف خلفها دولة كبرى، بحسب قوله.
وأشار إلى أن رجال الأمن كان لهم دور في انتقاء العناصر المرتبطين بالفرقة الرابعة ووضعهم في مخافر الحدود ومن بينهم رئيسي فرق الأمن في السويداء، لؤي العلي، الهارب مع بشار الأسد، الذي كان ينظم تلك العمليات.
ولفت الأسعد إلى أن حرس الحدود الأردني كان له دور في إفشال معظم الشحنات التي جرى نقلها.