تزخر مكتبة هوليود بالأفلام التي تنقل تجربة مريض زراعة الأعضاء الذي ورث من المتبرع ملامح شخصية وذكريات، ولكن المفاجأة أن الأمر قد يكون حقيقيًا.
ورصدت دراسة حديثة أن بعض مرضى زراعة الأعضاء قالوا إنهم لاحظوا تغيرات في سلوكهم وعواطفهم وذكرياتهم بعد خضوعهم لجراحة الزرع.
وفي حين أن تلك الظاهرة منتشرة بين مرضى زراعة القلب، إلا أن الغريب في الأمر أن مرضى آخرين ممن خضعوا لزراعات كلى أو رئتين أو وجه، اختبروا ذات التغييرات.
وكان من بين الاختلافات الجديدة التي طرأت عليهم هو تغير أذواقهم في الطعام والاختيارات الموسيقية، والبعض كشف عن تغيرات في الميول الجنسية.
وبالتحليل وجد الأطباء أن التفضيلات والميول الجديدة تعود إلى شخصيات المتبرعين، وهو ما دفعهم للتعمق أكثر والتأكد مما إذا كانت الذكريات تنتقل أيضًا.
تداخل الذكريات
بحسب مراجعة تم نشرها خلال وقت سابق من هذا العام، قال الباحثون إن هناك تجربة لطفل يبلغ من العمر 9 سنوات، تلقى قلبًا من فتاة تبلغ من العمر 3 سنوات بعد غرقها في حمام السباحة الخاص بمنزلها.
ويقول والدين الطفل إن ابنهما أصبح خائفًا بدون سبب من المياه، على الرغم من أنه لا يعرف أي معلومة عن كيفية وفاة المتبرع.
نقل الباحثون عن حالة أخرى وهي أستاذ جامعي خضع لعملية زراعة قلب من متبرع يعمل ضابط شرطة تعرض لطلق ناري في الوجه.
ويقول الأستاذ الجامعي إنه يرى أحيانًا وميضًا من الضوء أمام عينيه مباشرة ويشعر بسخونة مفاجأة في الوجه ويشعر أنه يحترق بالفعل.
ولكن لماذا قد يحدث ذلك؟
وفق الأبحاث، فإن هذا الترابط بين مريض زرع الأعضاء والمتبرع بها يأتي بسبب ارتباط القلب والدماغ بشكل وثيق، إذ يشترك الاثنان في الخلايا العصبية.
ومن ناحية أخرى قد تتسبب عملية زرع الأعضاء في تغيير الجينات، والمسؤولة عن تحديد ميول الشخص واتجاهاته وأذواقه.
ويذهب فريق آخر من العلماء إلى أن الأمر برمته قد يكون مصادفة، وأن هذه التغيرات تحدث نتيجة لاستجابة نفسية للتعافي من عملية جراحية كبرى وأمراض القلب التي تكون سببًا في نهاية الحياة في الكثير من الأحيان.
وعلى سبيل المثال، اقترح خبراء من جامعة ماكجيل في كندا أن الأدوية المثبطة للمناعة التي يتعين على متلقي الأعضاء تناولها يمكن أن تسبب زيادة في الشهية، مما قد يغير وجهة نظرهم تجاه الطعام.
وتشير بعض الأبحاث الأخرى إلى أن تأهب المريض لإجراء تلك العملية الجراحية والقلق من احتمال وراثة بعض صفات المتبرعين قد تساهم بشكل أساسي في التغيرات السلوكية.
وفيما يخص العلاقات كمثال، فإن الضغط الذي يتعرض له المريض بسبب العملية الجراحية، قد يدفعه لتغيير وجهة نظره عن العلاقات.
وينطبق الأمر كذلك على تفضيلات الطعام، إذ نقل الباحثون تجربة عن دراسة أجريت في عام 2002 على امرأة لاحظت تغير في تفضيلاتها للطعام بعد عملية زراعة الأعضاء.
وشعرت السيدة وهي راقصة مهتمة بتناول الوجبات الصحية، برغبة في تناول وجبة من “كنتاكي” فور مغادرتها للمستشفى، وهو طعام لم تجربه من قبل.
والمفارقة أن المتبرع والذي راح ضحية جريمة قتل، عُثر في سترته على بقايا قطع دجاج كنتاكي.
امرأة أخرى تبلغ من العمر 29 عامًا تلقت قلبًا من نباتي يبلغ من العمر 19 عامًا، لكنها فجأة أصبحت تنفر من اللحوم.
وينطبق الأمر كذلك على الميول الجنسية، إذ كشفت الدراسة عن رصد حالات لأشخاص تعرضوا لعمليات زراعة أعضاء وبدأوا بعدها في اختبار ميول جنسية مغايرة لما كانوا عليه قبل الجراحة.
وحذر الفريق المسؤول عن مراجعة عام 2024 من أن هناك حاجة إلى مزيد من البحث حول العلاقة بين عمليات زرع القلب والذاكرة.