صحة علوم

سر جديد عن «فيتامين د» قد يساعد في خفض ضغط الدم وتحسين صحة القلب

صحة القلب

 

كشفت دراسة حديثة عن أن تناول مكملات فيتامين «د» مع الكالسيوم قد يساهم في خفض ضغط الدم لدى كبار السن الذين يعانون من السمنة، مما يضيف بُعدًا جديدًا إلى النقاش العلمي حول دور هذا الفيتامين في تعزيز صحة القلب.

وشملت الدراسة، التي نُشرت في مطلع نوفمبر الماضي في دورية «Journal of the Endocrine Society»، 221 متطوعًا تجاوزوا سن الـ65 عامًا ويعانون من زيادة الوزن، حيث تراوحت مستويات فيتامين«د» لديهم بين 10 و30 نانوجرام/مل، وهي مستويات تشير إلى نقص محتمل.

ماذا أظهرت الدراسة؟

أُجريت الدراسة في بيروت، وقُسم المشاركون إلى مجموعتين، تناولت الأولى جرعة يومية صغيرة من فيتامين «د» بلغت 600 وحدة دولية، بينما حصلت الثانية على جرعة أكبر بلغت 3750 وحدة دولية، بالإضافة إلى مكمل يومي من الكالسيوم بجرعة 1000 ملج لكلا المجموعتين.

ولاحظ الباحثون، بعد متابعة استمرت سنة وستة أشهر،  تغيرات طفيفة في قياسات ضغط الدم لدى المشاركين. ففي المجموعة التي تناولت الجرعة العالية، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 4.2 ملم زئبقي، مقارنة بانخفاض قدره 2.8 ملم زئبقي في المجموعة ذات الجرعة المنخفضة. أما ضغط الدم الانبساطي، فتراجع بمقدار 3.02 ملم زئبقي لدى المجموعة الأولى، مقابل 2.6 ملم زئبقي لدى المجموعة الثانية.

وأظهرت النتائج أن المشاركين الذين يعانون من السمنة كانوا الأكثر استفادة من مكملات فيتامين «د»، وهي حالة ترتبط غالبًا بانخفاض مستويات هذا الفيتامين في الجسم.

وفسرت الدكتورة غادة الحاج فليحان، الأستاذة في الجامعة الأمريكية ببيروت والمشرفة على الدراسة، هذا الأمر بأن مستويات فيتامين «د» المنخفضة بين المصابين بالسمنة قد تجعلهم أكثر عرضة لتحسينات ملموسة عند تعويض النقص.

ورغم النتائج الإيجابية، واجهت الدراسة بعض القيود، حيث كان الهدف الرئيسي منها دراسة تأثير مكملات فيتامين «د» والكالسيوم على كثافة العظام ومقاومة الإنسولين، وليس ضغط الدم تحديدًا، مما يجعل النتائج في هذا السياق استكشافية.

كما أن غياب مجموعة ضبط تلقت علاجًا وهميًا (Placebo) يحول دون التأكد من أن خفض ضغط الدم يعود إلى فيتامين «د» فقط، وليس إلى عوامل أخرى.

وأشارت الدكتورة جوان مانسون، من كلية الطب بجامعة هارفارد، إلى أن الجرعات العالية من فيتامين «د» لم تقدم فوائد إضافية مقارنة بالجرعات الصغيرة، مؤكدة أن الجسم قد لا يستفيد من كميات زائدة عن حاجته، بل قد تتسبب في أضرار إذا تجاوزت الحدود الآمنة.

هل تناول المكملات ضروري؟

تدعم دراسات عديدة أن نقص فيتامين «د» يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية. ومع ذلك، لم تقدم التجارب السريرية أدلة قاطعة على أن مكملاته تؤدي إلى تحسين صحة القلب بشكل مباشر.

وفي مراجعة شملت 21 دراسة سريرية، لم يظهر أي انخفاض ملموس في خطر الإصابة بأمراض القلب نتيجة تناول مكملات فيتامين «د». كما أظهرت دراسة أخرى، نُشرت في أكتوبر الماضي، أن مستويات المؤشرات الحيوية للإجهاد القلبي لم تتأثر بتناول مكملات الفيتامين بأي جرعة على مدار عامين.

فيما يشير الخبراء إلى أن تناول مكملات فيتامين «د» يوصى به فقط للأشخاص الذين يعانون من نقص مؤكد، أما الأشخاص الذين يحصلون على ما يكفي من الفيتامين عبر التعرض للشمس واتباع نظام غذائي غني به، فلا يحتاجون إلى مكملات إضافية.

وتشمل المصادر الطبيعية لفيتامين «د» الأسماك الدهنية مثل السلمون والتروت، وعيش الغراب، والبيض، والحليب. أما الراغبون في تناول المكملات، فيُنصح ببدء جرعات صغيرة لا تتجاوز 1000 وحدة دولية يوميًا، مع استشارة الطبيب لتجنب الآثار الجانبية.

رغم ذلك تفتح الدراسة التي أنجزتها الجامعة الأمريكية في بيروت الباب لمزيد من البحث حول العلاقة بين فيتامين «د» وصحة القلب، ولكن، وحتى يتم تأكيد النتائج، يبقى الالتزام بنمط حياة صحي، والاستعانة بالمشورة الطبية عند الضرورة، الخيار الأفضل لتحقيق صحة متوازنة.