يعتبر الفحم النشط من المواد التي تستخدم في الطب منذ زمن طويل.. بفضل خصائصه القوية في امتصاص المواد الكيميائية. ويُستخدم هذا المسحوق الأسود الناعم غالباً لعلاج التسمم، كما تروّج له العديد من القنوات والأشخاص اليوم.. كعلاج للانتفاخ والغازات أو كوسيلة “لتطهير” الجهاز الهضمي، على الرغم من عدم وجود دليل علمي قوي يدعم هذه الادعاءات. إلا أن العديد من الناس لا يدركون أن استخدام الفحم النشط.. قد يتداخل مع بعض الأدوية ويقلل من فعاليتها.
كيف يعمل الفحم النشط؟
آلية الامتصاص وتأثيرها على الأدوية الآلية الأساسية التي يتفاعل بها الفحم النشط مع الأدوية.. هي عملية تُعرف بالامتزاز، وهي عملية تتم عبر التصاق جزيئات الأدوية بسطح الفحم. يتميز الفحم النشط بسطح واسع ومسامية عالية تجعله قادراً على امتصاص الجزيئات الكبيرة، مما يجعله يحتجز الأدوية في الأمعاء ويمنعها من دخول مجرى الدم.
كيف يؤثر الفحم النشط على امتصاص الأدوية؟
عندما يتناول الشخص دواءً في شكل حبوب أو سائل، يحتاج الدواء إلى عبور جدار الأمعاء للوصول إلى مجرى الدم وتفعيل تأثيره في الجسم. ولكن إذا وجد الفحم النشط في الجهاز الهضمي، فإنه يمتص الدواء ويمنعه من الوصول إلى الدم، ويتم طرده من الجسم مع الفضلات.
أدوية تتأثر بتفاعل الفحم النشط
التداخلات الخطيرة المحتملة في بعض الحالات، قد يؤدي هذا التداخل إلى عواقب خطيرة. فوفقاً لدراسة نشرتها مجلة The Lancet، تداخل الفحم النشط مع أدوية تخفيض الصفائح الدموية، مما جعل الدواء غير فعال لدى مريض يعاني من أمراض القلب. وفي حالة أخرى، أثر الفحم النشط على الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV)، مما أدى إلى زيادة الحمولة الفيروسية للمريض وفقدان فعالية الأدوية.
الأدوية المتأثرة بامتصاص الفحم النشط
يحدّ الفحم النشط من امتصاص مجموعة واسعة من الأدوية، بما في ذلك مسكنات الألم والمهدئات ومضادات الاكتئاب. كلما كانت جزيئات الدواء كبيرة، زادت احتمالية امتصاصها بواسطة الفحم النشط. وأشار الدكتور لينجتاك-نياندر تشان من جامعة واشنطن.. إلى أن بعض الأدوية الهرمونية، مثل حبوب منع الحمل، قد تتعرض لهذا التأثير.
أدوية لا تتأثر بتفاعل الفحم النشط
مع ذلك، لا تتأثر جميع الأدوية بنفس الطريقة. فالأدوية التي تحمل شحنات كهربائية قوية، مثل الليثيوم المستخدم في علاج الاضطراب ثنائي القطب، والحديد الفموي.. لا تلتصق جيداً بالفحم النشط، مما يسمح بامتصاصها بشكل طبيعي.
التوقيت والجرعة: عوامل مهمة لتجنب التفاعل
أهمية التوقيت في تجنب التداخلات
التوقيت يلعب دوراً مهماً في تأثير الفحم النشط على الأدوية. يزداد تأثير الفحم النشط عند تناولهما معاً في غضون ساعة واحدة. لذلك، يستخدمه الأطباء غالباً في حالات الطوارئ الطبية.. إذا كان يُعتقد أن الشخص تناول مادة سامة خلال الساعة السابقة.
دور الجرعة في التأثير على فعالية الأدوية
تختلف الجرعة المستخدمة لعلاج التسمم عن تلك الموجودة في المنتجات التجارية مثل معاجين الأسنان أو الأغذية. الجرعات المستخدمة في علاج التسمم تصل إلى جرام واحد لكل كيلوجرام من وزن الجسم، بينما تكون الجرعات الموجودة في المنتجات اليومية أقل بكثير.. مما يقلل من احتمال حدوث تفاعل مع الأدوية.
الفحم النشط وأغراض الاستخدام غير الطبي
نصائح للذين يستخدمون الفحم النشط إذا كنت تستخدم الفحم النشط لأغراض أخرى غير علاج التسمم، كتنظيف الجهاز الهضمي أو إزالة الانتفاخ، فمن الضروري الانتباه إلى كمية الفحم المستهلكة.. وتوقيت تناوله مقارنة مع الأدوية. ومن الأفضل استشارة مختص صحي لتجنب أي تداخل غير مرغوب بين الفحم النشط والأدوية.
في النهاية
الفحم النشط يعتبر أداة قوية في حالات التسمم، إلا أن استخدامه بشكل عشوائي قد يؤثر سلباً على فعالية بعض الأدوية. من الضروري معرفة التوقيت المناسب وتجنب استخدامه بكميات كبيرة عند تناول الأدوية. للذين يعتمدون على الفحم النشط.. يُنصح باستشارة أخصائي طبي لضمان استخدام آمن وفعّال، وتجنب أي تداخل قد يؤثر على صحتهم.