يعد توحيد المملكة العربية السعودية أحد أهم الأحداث في تاريخ شبه الجزيرة العربية، حيث قاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود هذا المشروع العظيم، واستغرق منه 32 عامًا، بدأها باستعادة الرياض، وعبر سلسلة من المعارك والمفاوضات الحاسمة، أعاد تأسيس الدولة السعودية.
تحديات تأسيس الدولة السعودية الثانية
تعرض مشروع تأسيس الدولة السعودية الثانية، لكثير من التحديات الخارجية والداخلية، وكان من أبرز هذه التحديات المطامع العثمانية في الأحساء، فضلاً عن انشقاق حائل تحت قيادة محمد بن رشيد.
اضطر آل سعود في نهاية المطاف إلى مغادرة الرياض بعد محاصرتها، واتجهت الأسرة إلى التنقل بين قطر والبحرين والبادية بحثًا عن الأمان، وكانت هذه الفترة بداية تدريب عبدالعزيز على القيادة، حيث تنقل بين مختلف القبائل والمناطق، ما أكسبه خبرة استراتيجية ومعرفة بجغرافية المنطقة.
استعادة حكم الرياض
بقي الملك عبدالعزيز مصرًا على استعادة الرياض رغم الظروف الصعبة، وكانت أولى محاولاته عام 1901م عندما قاد حملة صغيرة نحو الرياض، وعلى الرغم من أنها لم تكلل بالنجاح في البداية، إلا أنها كانت خطوة أساسية في التخطيط لاستعادتها لاحقًا.
وبعد هزيمة الشيخ مبارك في معركة الصريف، قرر الملك عبدالعزيز وضع خطة جديدة قائمة على السرية والمباغتة، وفي عام 1902م، قاد هجومًا ناجحًا على قصر المصمك في الرياض، حيث قتل الحاكم المحلي عجلان واستعاد المدينة، ما شكل بداية تأسيس الدولة السعودية الحديثة.
استقطاب الدعم المحلي
بعد استعادة الرياض أعلن الملك عبدالعزيز حكم آل سعود، حيث عاد والده الإمام عبدالرحمن من الكويت لتسليم القيادة لابنه، الذي بدأ في بناء سور الرياض وتجهيز المدينة للدفاع.
وخلال هذه المرحلة، تم توحيد العديد من القبائل والمدن تحت حكم عبدالعزيز، الذي استطاع استقطاب الدعم المحلي والدولي.
واتجه الملك عبدالعزيز بعد الرياض نحو توحيد مناطق نجد الجنوبية، وكانت هذه المناطق مركزًا للمعارضة العثمانية، وركّز على القصيم نظرًا لأهميتها الاقتصادية والجغرافية. وبحلول عام 1904م، ضم عنيزة وبريدة بعد معارك ضد ابن رشيد وحلفائه العثمانيين، وتلت هذه المعارك “معركة الشنانة” التي حققت انتصارًا حاسمًا للملك عبدالعزيز.
الأحساء والقطيف
قرر الملك عبدالعزيز في عام 1913م، ضم الأحساء والقطيف إلى حكمه، ومثلت هذه الخطوة تحولًا استراتيجيًا، حيث أن الأحساء كانت مركزًا عثمانيًا مهمًا.
وقاد الملك عبدالعزيز جيشه نحو الأحساء، واستطاع اقتحام المدينة وإخضاعها، مما أدى إلى انسحاب العثمانيين من المنطقة.
عسير ونجران
شهدت منطقة عسير سلسلة من النزاعات بين زعماء القبائل، وتدخل الملك عبدالعزيز بعد تلقيه شكاوى من القبائل المحلية، وقاد حملة ناجحة بقيادة عبدالعزيز بن جلوي.
وفي عام 1920م، نجح الملك المؤسس في ضم أبها ونجران إلى الدولة السعودية، ولكن الاضطرابات استمرت لفترة قصيرة حتى أُعيد السيطرة الكاملة على المنطقة في 1922م.
اكتمال النصر بضم حائل والحجاز
كانت منطقة حائل آخر معاقل المقاومة ضد حكم الملك عبدالعزيز، وبعد نقض آل رشيد للصلح، خاض عبدالعزيز سلسلة من المعارك بين عامي 1915-1919م، ونجح في محاصرة حائل لمدة شهرين حتى استسلمت القوات المحلية وانضمت إلى حكم الدولة السعودية في عام 1921م.
وكان الهدف التالي للملك عبدالعزيز بعد حائل هو استعادة الحجاز، وفي معركة “تربة” انتصر الملك على قوات الشريف حسين بن علي، مما فتح الطريق أمامه للسيطرة على مكة والمدينة، وبحلول عام 1925م، ضمت الدولة السعودية الحجاز بالكامل.
إعلان توحيد المملكة وتسميتها
استطاع الملك عبدالعزيز توحيد أجزاء البلاد، تحت إدارته، وجمع مدنها وقراها في 17 جمادى الأولى 1351هـ/18 سبتمبر 1932م، وصدر أمر ملكي للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم: المملكة العربية السعودية، ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351هـ/23 سبتمبر 1932م، دولة عربية ذات سيادة تامّة، دينها الإسلام، ولغتها العربية وعاصمتها الرياض، ودستورها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
المصدر: