مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، انتشرت نظرية مثيرة للجدل تُعرف باسم “نظرية الإنترنت الميت”. تشير هذه النظرية إلى أن معظم النشاط على الإنترنت اليوم ليس بشريًا.. بل ناتج عن تفاعل روبوتات ووكالات الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من أنها قد تبدو بعيدة المنال، فإن تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى الرقمي.. قد يجعل هذه النظرية تحمل بعض المصداقية.
أصل النظرية
ظهرت نظرية الإنترنت الميت لأول مرة في منتدى “Agora Road’s Macintosh Cafe” في عام 2021، عندما بدأ مستخدم يدعى “IlluminatiPirate” نقاشًا حول أن معظم الإنترنت بات مملوءًا بالروبوتات والذكاء الاصطناعي، وليس بالبشر. وفقًا للنظرية، فإن الحكومات والشركات تستخدم هذه الروبوتات لتوليد المحتوى، بهدف زيادة التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي.. وجني المزيد من الأرباح من الإعلانات.
الأساس العلمي للنظرية
تُبنى النظرية على فكرة أن الخوارزميات باتت تتولى مهمة إنتاج المحتوى الرقمي بكميات هائلة. يتم تصميم منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار وحتى الردود على التعليقات بشكل تلقائي بواسطة الذكاء الاصطناعي، مما يجعل الإنترنت مليئًا بمحتوى آلي تم تصميمه ليبدو وكأنه من صنع البشر. وأحد المخاوف الأساسية التي تعزز هذه النظرية هو أن الذكاء الاصطناعي قد يتفاعل مع محتويات تُنتج بواسطة روبوتات أخرى دون أي تدخل بشري.
التفاعل بين البشر والروبوتات على الإنترنت
أشار بحث أجرته شركة “Imperva” للأمن السيبراني إلى أن نصف حركة المرور على الإنترنت قد تكون من إنتاج روبوتات. إذ أن هذه الروبوتات تُستخدم غالبًا لزيادة التفاعل مع الإعلانات أو لزيادة عدد المشاهدات بشكل غير حقيقي، مما يؤدي إلى تضخيم الإحصائيات دون مشاركة بشرية حقيقية. ومنذ عام 2016، يعتقد بعض الداعمين للنظرية أن الإنترنت قد بدأ في التحول إلى “ميت”، حيث أصبحت نسبة كبيرة من النشاط على الشبكة رقمية بالكامل.
هل الإنترنت ميت بالفعل؟
في حين أن هناك عناصر من الحقيقة في أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي يلعبان دورًا متزايدًا في تشكيل المحتوى الرقمي، فإن فكرة أن الإنترنت قد أصبح “ميتًا” تمامًا ليست مدعومة بأدلة قوية. صحيح أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في تكرار ونشر محتوى أقل جودة.. ولكن لا يزال البشر مسؤولين عن قدر كبير من المحتوى والمعلومات التي يتم إنتاجها.
ليس موجها بالكامل للروبوتات
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح أداة قوية في إنتاج المحتوى، فإن الإنترنت لم يصبح بالكامل موجهًا للروبوتات فقط. لا يزال هناك تفاعل بشري حقيقي، والعديد من المنصات تسعى لتعزيز المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة البشر فقط. على سبيل المثال، تتبنى منصات مثل “Google” سياسة واضحة.. لتفضيل المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة البشر على الخوارزميات.
مستقبل الإنترنت
إذا استمر الذكاء الاصطناعي في التطور ليصبح أكثر استقلالية في توليد المحتوى، فقد نشهد تغييرات أكثر تطرفًا في طبيعة الإنترنت. يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة كمية المعلومات المزيفة والمضللة. ومن المهم أن تبقى هناك رقابة بشرية لضمان أن تظل الإنترنت بيئة آمنة وموثوقة للمعلومات.
خاتمة
على الرغم من أن فكرة “الإنترنت الميت” قد تكون مثيرة للاهتمام، إلا أنها في الوقت الحالي بعيدة عن الواقع الكامل. الإنترنت لا يزال مكانًا يعج بالتفاعل البشري، رغم التزايد السريع في استخدام الذكاء الاصطناعي. رغم ذلك هذا لا يمنع من أن نبقى يقظين تجاه دور الذكاء الاصطناعي في حاضر الإنترنت.