منذ أن أعلن المرشحان جو بايدن ودونالد ترامب خوضهما السباق الرئاسي الذي يقترب من محطته الأخيرة في نوفمبر المقبل، تشهد المنافسة بينهما مقارنان عديدة ومن أبرزها الناحية الاقتصادية.
ولكن بشكل عام من الصعب إجراء مقارنة واسعة النطاق، بسبب التغييرات التي طرأت على الاقتصاد الأمريكي خلال الأعوام السابقة، وكان الكثير منها خارج إرادة أي مرشح، مثل جائحة كوفيد-19 في عهد بايدن.
وفي الوقت الذي ساهمت فيه الجائحة بفترة ركود طويلة، أدت أيضًا إلى استحداث ملايين الوظائف الجديدة في عام 2021.
ولكي نلقي نظرة على أبرز الاختلافات بين الأداء الاقتصادي للبلاد في كلا العهدين، هناك بعض المؤشرات التي ينبغي تسليط الضوء عليها وهي:
النمو الإجمالي
يُعد النمو السنوي في الناتج المحلي هو المقياس الأوسع لأداء الاقتصاد، والذي يقيس جميع نفقات الحكومة والمنتجات التي يتم إنتاجها لقياس التغيرات في اقتصاد البلاد.
وببساطة، كلما كانت مؤشرات نمو الناتج المحلي الإجمالي تسير بوتيرة أسرع، كان هذا دليلًا على صحة البلاد من الناحية الاقتصادية.
وبين عهد بايدن وترامب، يتضح أن النمو ربع السنوي خلال السنوات الثلاث الأولى من حكم الأخير حتى تفشي الوباء، وولاية بايدن التي بدأت في عام 2021، مركبًا بمعدل متطابق تقريبًا.
وبلغ النمو ربع السنوي نحو 2.7٪ سنويًا باستثناء عام بايدن الأول، والذي كان لا يزال متأثرًا بتداعيات الجائحة، إذ كان أبطأ بنحو 2.3%.
وتمكن الاقتصاد في عهد بايدن من الانتعاش بفضل الطفرة التي حدثت في الإنفاق الاستهلاكي، في حين تأثر الاقتصاد في عهد ترامب بالاستثمار التجاري.
الضرائب والأجور
على عكس إدارة بايدن، ارتكزت خطة ترامب على تخفيض الضرائب بنسبة متواضعة بينما اقترح إجراءات أكثر صرامة.
وعلى الرغم من تلك السياسية الجديدة، ظلت التحصيلات الخاصة بالحكومة الفيدرالية في تزايد، حتى مع إجراءات تعديل التضخم.
وبالمقارنة كانت الزيادات الضريبية الخاصة بالحكومة الفيدرالية في عهد بايدن لا تُقارن بنظيرتها في عهد ترامب.
وفيما يخص الأجور وأرباح الشركات، فارتفعت بشكل غير متوقع خلال فترة الوباء مدفوعة ببرامج دعم الأسر والشركات الفيدرالية وارتفاع معدلات التضخم.
الدخل المحلي الإجمالي الحقيقي
يُعتبر الدخل المحلي الإجمالي الحقيقي هو الوجه الآخر للناتج المجلس الإجمالي، والذي يقيس مكسب ودخول الأفراد من بيع الخدمات المختلفة.
والطريقة التي ينبغي أن يتم بها توزيع هذا الدخل تشكل جدالاً دائماً في السياسة الأميركية.
وفي حين أن ترامب عمل على ضم حلفاء من وول ستريت في حكومته وقدم تخفيضات ضريبية للشركات، إلا أن الشركات استحوذت على حصة أكبر من إجمالي الدخل المحلي في عهد بايدن؛ بينما ظلت حصة العمال ثابتة إلى حد ما.
الأسعار والمنتجات
بعد السيطرة على تداعيات وباء كوفيد، جاء الوقت للنظر إلى مشكلة ارتفاع التضخم والذي وصل لمستويات غير مسبوقة منذ ثمانينات القرن العشرين.
ووقتها اندلعت مناقشات حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين هو أسباب هذه الموجة من التضخم وكيف يمكن خفضها، إلى جانب رفع أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وفي حين أن السيطرة على تداعيات الوباء جنّب البلاد كارثة اقتصادية محتملة، إلا إن التضخم كان التكلفة اللاحقة، إذ ارتفعت أسعار السلع الأساسية بصورة كبيرة، وباتت عبئًا على الأسر منخفضة الدخل.
ويُنظر إلى التضخم على أنه مزيج من سلاسل التوريد المتشابكة والإنفاق الفيدرالي القياسي بالعجز الذي بدأ في عهد ترامب واستمر في عهد بايدن، مما أدى إلى تغذية الطلب الاستهلاكي.
من ناحية أخرى، شهدت فترة الجائحة انطلاقًا للعديد من الأعمال وهو الأمر الذي استمر في عهد بايدن، على الرغم من التقديرات التي قالت وقتها إنها نتيجة لرغبة الناس في تحقيق المكاسب خلال الإغلاق.
وبسبب المخاوف من أن يسود ركود، وافق الكونغرس على دفع تريليونات الدولارات للأسر، وتم ضخها في الحسابات المصرفية لتحريك عجلة الشراء، ثم السفر والخدمات الأخرى التي لم تكن موجودة في فترة الوباء.
التعريفات الجمركية
استخدم كلا من ترامب وبايدن التعريفات الجمركية بهدف تقييد التجارة الأمريكية مع الصين سواء على نطاق واسع أو على منتجات بعينها، مثلما فعل بايدن مع المركبات الكهربائية.
وعملت الولايات المتحدة خلال هذه الفترة على إعادة ترتيب أوراقها التجارية في أعقاب الوباء والغزو الروسي لأوكرانيا، إذ أدت التعريفات الجمركية إلى خفض حصة الصين المباشرة من الواردات الأمريكية، والآن أصبحت المكسيك في المقدمة.
سوق العمل
يشترك كل من اقتصادي بايدن وترامب في معدلات البطالة المنخفضة، الذي كانت عند مستويات 3.6% في نهاية عام 2019 قبل الوباء.
وفي عهد بايدن تراجعت النسبة إلى 3.4%، وظل أقل من معدلات الـ4%لمدة عامين.
وشهدت الولايات المتحدة إقبالًا على العمال في الفترة التي لحقت جائحة كورونا، وربما يرجع ذلك لانتعاش الاقتصاد، الذي كان بمثابة مفاجئة لخبراء الاقتصاد.
وجاء ذلك لأن فترة الركود التي عانت منها الولايات المتحدة بين عامي 2007 و2009، جعلت الخبراء يتوقعون تداعيات مستدامة.
ويُعد الفارق الوحيد بين عهد ترامب وبايدن، هو ارتفاع معدلات الهجرة في فترة ولاية الأخيرة، ما سمح باستمرار نمو الوظائف بمستوى أعلى مما كان من الممكن أن يحدث لولا ارتفاع الأجور.
المصدر: Reuters
