ثقافة

من هم سدنة الكعبة؟ ولماذا يحتفظ “بنو شيبة” بمفتاح الكعبة؟

توارث “سدنة الكعبة” شرف احتضانهم مفتاح الكعبة المشرفة، وهم “بنو شيبة”، ومنذ أكثر من 16 قرناً، وقبل بدء الإسلام، اختص أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة المشرفة، ومنهم نسل أبناء آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين، وهم الذين أعاد إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة بعد فتح مكة.

ما هي سدانة الكعبة؟

سدانة الكعبة المشرفة هي خدمتها والقيام بشئونها وفتح بابها وإغلاقه. ويعرف الذين يقومون بذلك بالسدنة، وتعرف السدانة كذلك بالحجابة، ومن يقوم بها يسمون بالحجبة؛ لأنه يحجبون الكعبة عن العامة، حسبما يفيد الموقع الرسمي للهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

ويقول الموقع إنه “منذ بناء إبراهيم الخليل عليه السلام الكعبة المشرفة، لعل السدانة كانت بيد ابنه إسماعيل عليه السلام، الذي تولى رفع القواعد من البيت مع والده إبراهيم عليهما السلام كما قال تعالى: “وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ”، وبقي إسماعيل بجوار بيت الله الحرام يقوم على خدمته.

والسدنة مهنة قديمة، وتعني العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها من فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت، في حين تغسل الكعبة مرتين في السنة في 1 شعبان و15 محرم من كل عام من الداخل، تتم صلاة الفجر في الحرم، ومن ثم الدخول إلى الكعبة، ويتم الغسل بماء زمزم وماء الورد، وتمسح الجدران الأربعة، وتغسل بالماء المعطر، وتتم الصلاة فيها بعد الغسل.

تاريخ السدانة

وتذكر كتب السير والتاريخ أن السدانة انتقلت بعد ذلك إلى أبناء إسماعيل عليه السلام مدة طويلة، ثم اغتصبها منهم جيرانهم وأخوالهم جرهم، ثم اغتصبها خزاعة من جرهم، ثم استردها منهم قصي بن كلاب وهو من أبناء إسماعيل، وهو الجد الرابع للنبي – صلى الله عليه وسلم – ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني عبد الدار جاهلية وإسلامًا، ولم تزل السدانة في ذريته حتى انتقلت إلى عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان ابن عبد الدار بن قصي.

وقد مات عثمان ولم يعقب، فصارت إلى ابن عمه شيبة بن عثمان، ولا تزال في يد ولده إلى الآن.

ولما أشرقت شمس الإسلام يوم فتح مكة المكرمة، أخذ النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – من عثمان بن طلحة بن أبي طلحة الحجبي سادن الكعبة المفتاح، وفتح بابها، ودخلها بعد تطهيرها من الأصنام.

فقد روى ابن عباس رضي الله عنهما: “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة، فأمر بها، فأخرجت، فأخرج صورة إبراهيم وإسماعيل في أيديهما من الأزلام، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : قاتلهم الله ، لقد علموا ما استقسما بها قط، ثم دخل البيت ، فكبر في نواحي البيت ، وخرج ولم يصل فيه”، رواه البخاري.

وروى ابن عمر رضي الله عنهما قال : “أقبل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عام الفتح على ناقة لأسامة بن زيد، حتى أناخ بفناء الكعبة، ثم دعا عثمان بن طلحة، فقال : ائتني بالمفتاح، فذهب إلى أمه، فأبت أن تعطيه، فقال : والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي، قال: فأعطته إياه، فجاء به إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فدفعه إليه، ففتح الباب ، قال: ثم دخل النبي – صلى الله عليه وسلم – وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وأمر بالباب فأغلق، فلبثوا فيه مليا ثم فتح الباب”، رواه البخاري.

مفتاح باب الكعبة المشرفة

ثم إن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعطى المفتاح لعثمان بن طلحة بعد أن خرج من الكعبة المشرفة، وقال: “خذوها يا بني أبي طلحة (أي السدانة) خالدة تالدة لا يظلمكموه إلا كافر.

وروى الأزرقي مراسيل عن بعض التابعين بأسانيد مختلفة صحيحة يقوي بعضها بعضًا عن الزهري وابن جريج وسعيد بن المسيب: “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – دفع مفتاح الكعبة إلى عثمان بن طلحة يوم الفتح، ثم قال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يظلمكموه إلا كافر”، وفي قول الزهري وابن جريج : “لا ينزعها منكم إلا ظالم”.

ومن الجدير بالذكر أنه قد جرت العادة أن يوضع مفتاح باب الكعبة المشرفة لدى أكبر السدنة سنًّا، وهو السادن الأول، وعند فتح الكعبة يشعر السادن الأول جميع السدنة الكبار منهم، بوقت كاف ليتمكنوا من الحضور جميعًا إن أمكن ذلك أو بعضهم؛ وذلك ليقوموا بغسلها بمعية ولي الأمر والأمراء وضيوفه الكرام، وفي الوقت الحاضر تغسل الكعبة من الداخل مرتين، وذلك بمعية السدنة بعد القيام بفتح باب الكعبة، كما مر مفصلا في مناسبات فتح الكعبة وما بعدها.

اقرأ أيضاً: