أصبحت العمليات الخلوية والجزيئية التي تتغير من خلالها العضلات وتقاوم آثار الشيخوخة، مفهومة بشكل أكثر وضوحًا، وذلك بفضل إنشاء أول أطلس شامل لعضلات الشيخوخة لدى البشر.
وطبق باحثون من معهد ويلكوم سانجر ومعاونوهم في جامعة صن يات صن في الصين، تقنيات الخلية الواحدة والتصوير المتقدم لتحليل عينات العضلات الهيكلية البشرية من 17 فردًا على مدار عمر البالغين.
ومن خلال مقارنة النتائج، ألقوا ضوءًا جديدًا على العديد من العمليات المعقدة الكامنة وراء التغيرات العضلية المرتبطة بالعمر.
أطلس العضلات
ويكشف الأطلس، الذي نُشر في مجلةNature Aging ، عن مجموعات جديدة من الخلايا قد تفسر سبب شيخوخة بعض الألياف العضلية بشكل أسرع من غيرها، كما يحدد الآليات التعويضية التي تستخدمها العضلات لمكافحة الشيخوخة.
توفر النتائج طرقًا للعلاجات والتدخلات المستقبلية لتحسين صحة العضلات ونوعية الحياة مع تقدمنا في العمر، وتعد هذه الدراسة جزءًا من مبادرة أطلس الخلايا البشرية الدولية لرسم خريطة لكل نوع من الخلايا في جسم الإنسان، لتغيير فهم الصحة والمرض.
تأثير الشيخوخة على وظيفة العضلات
مع تقدمنا في العمر، تضعف عضلاتنا تدريجيًا، يمكن أن يؤثر ذلك على قدرتنا على أداء الأنشطة اليومية مثل الوقوف والمشي، بالنسبة لبعض الأشخاص، يتفاقم فقدان العضلات، ما يؤدي إلى الضعف وعدم القدرة على الحركة، والإصابة بحالة تسمى ضمور العضلات، في وقت ظلت الأسباب التي تجعل عضلاتنا تضعف بمرور الوقت غير مفهومة جيدًا.
في هذه الدراسة الجديدة، استخدم علماء من معهد ويلكوم سانجر وجامعة صن يات صن في الصين تقنيات تسلسل الخلية الواحدة والنواة الواحدة إلى جانب التصوير المتقدم لتحليل عينات العضلات البشرية من 17 فردًا تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 75 عامًا.
واكتشف الفريق أن الجينات التي تتحكم في الريبوسومات، المسؤولة عن إنتاج البروتينات، كانت أقل نشاطا في الخلايا الجذعية العضلية المأخوذة من العينات القديمة. وهذا يضعف قدرة الخلايا على إصلاح وتجديد ألياف العضلات مع تقدمنا في السن.
علاوة على ذلك، أنتجت مجموعات الخلايا غير العضلية الموجودة في عينات العضلات الهيكلية هذه المزيد من جزيء مؤيد للالتهابات يسمى CCL2، ما يجذب الخلايا المناعية إلى العضلات ويؤدي إلى تفاقم تدهور العضلات المرتبط بالعمر.
الاستجابات التكيفية في شيخوخة العضلات
ولوحظ أيضًا فقدان نوع فرعي من الألياف العضلية سريعة الانقباض مرتبط بالعمر، وهو مفتاح الأداء العضلي المتفجر.
ومع ذلك، اكتشفوا لأول مرة عدة آليات تعويضية من العضلات التي يبدو أنها تعوض الخسارة.. وشملت هذه التحولات في الألياف العضلية بطيئة الانقباض للتعبير عن الجينات المميزة للنوع الفرعي المفقود سريع الانقباض، وزيادة تجديد الأنواع الفرعية المتبقية من الألياف سريعة الانقباض.
وحدد الفريق أيضًا مجموعات من النوى المتخصصة داخل الألياف العضلية التي تساعد في إعادة بناء الروابط بين الأعصاب والعضلات التي تتراجع مع تقدم العمر. أكدت التجارب التي أجراها الفريق على خلايا العضلات البشرية المزروعة في المختبر أهمية هذه النوى في الحفاظ على وظيفة العضلات.