على مدار سنوات طويلة، فكر الفلاسفة في قدرة العقل على الاستمرار في العمل والحفاظ على الوعي بعد فصله عن الجسد.
وفي الطبيعي تنشأ تجارب الأشخاص من خلال التفاعلات بين الدماغ البشري والجسم والبيئة، ولكن التطورات الأخيرة في علم الأعصاب تحمل المزيد.
وتُشير تلك التطورات إلى أن هذا التفاعل انتقل من مجرد كونه خيالًا إلى حقيقة يمكن يوجد عليها أمثلة، وفق “لايف ساينس”.
تجارب العلماء
كشفت دراسة أجريت عام 2020، ونُشرت بالتفصيل في مجلة Trends in Neuroscience، أن بعض التجارب التي تم فيها فصل الدماغ عن مضيفه، أثبتت قدرة العقل على الحفاظ على وعيه باستخدام الأكسجين والمغذيات اللازمة والأجهزة.
وفي دراسة أخرى قد تبدو أشبه بفيلم رعب، تمكن الباحثون بنجاح من استعادة تدفق الدم إلى خلايا الدماغ، والوظائف الخلوية للخلايا العصبية، والنشاط المتشابك التلقائي في أدمغة الخنازير التي تمت إزالتها بعد الموت.
واعتمد العلماء على توصيل العقول بنظام يسمى BrainEx، ويعمل هذ النظام على إبطاء تدهور أنسجة المخ بعد الموت من خلال توصيل الدم الاصطناعي المؤكسج لها.
وفي عالم الطب، هناك حالات مشابهة لفصل العقول عن الجسد، مثلما الحال في ” بضع نصف الكرة المخية” وهو علاج خاص بالأشخاص المصابين بالصرع.
ويقوم الأطباء في هذه العملية بفصل النصف المتضرر من الدماغ تمامًا عن نصف الدماغ الآخر، وجذع الدماغ والمهاد.
وخلال تلك العملية، يظل الجزء التالف من الدماغ في الجمجمة ولكن يتم توصيله بالنظام الذي يعمل على ضمان استمراره حيًا.
ومن ناحية أخرى، استطاع العلماء إنشاء أدمعة صغيرة في المختبر، وهي هياكل ثلاثية الأبعاد تم تطويرها من الخلايا الجذعية التي تعرض ميزات مختلفة للدماغ البشري النامي.
وتحتوي بعض هذه الأدمغة الموجودة في “وعاء” على موجات دماغية مشابهة لتلك التي تظهر عند الأطفال المبتسرين.
هل تعمل تلك الأدمغة بالفعل؟
على الرغم من صدور موجات دماغية، إلا أن التيقن من وجود وعي في هذه الأدمغة قد يكون صعبًا، خصوصًا وأنهم لا يمتلكون الطريقة التي يمكنهم بها التواصل مع تلك الأدمغة وسؤالها عما إذا كانت واعية أم لا.
وهذا اللغز دفع علماء الأعصاب إلى ابتكار مقياس “موضوعي” محتمل للوعي.
واستخدم العلماء مؤشر التعقيد الاضطرابي (PCI)، والذي يعتمد على مستوى التفاعلات بين الخلايا العصبية داخل هذه “الأدمغة”.
وباستخدام هذا المؤشر، يقوم العلماء بتحفيز جزء من الدماغ كهربائيًا ثم قياس أنماط النشاط العصبي الناتجة لقياس مدى تعقيد تفاعلات خلايا الدماغ.
ويتوقف الإقرار بوعي الدماغ على نتائج القياس، وكلما زاد حجم المعلومات المرصود كلما كان النظام أكثر وعيًا.
ويصف العلماء الأمر بأنه أشبه برمي حجر في بركة وقياس الموجات الناتجة.
ويوضحون أنه إذا تفاعلت الموجات مع كائنات أخرى في البركة، مما أدى إلى ظهور المزيد من التموجات، كلما زاد وعي النظام.
ويمكّن مؤشر PCI العلماء من قياس درجة الوعي للأشخاص بشكل موثوق، فعلى سبيل المثال، يعتبر البقاء في غيبوبة أو النوم مستوى “أدنى” من الوعي أو الوعي.
وكان للمؤشر الفضل في الكشف عن وعي المرضى بعد إصابات الدماغ الشديدة، والوعي المتقطع أثناء الحلم وكذلك التخدير بالكيتامين.
ومن الممكن أن يكون الوعي مرتبطًا بشكل وثيق بديناميكيات الدماغ التي يسهل قياسها نسبيًا، كما هو الحال مع PCI.
وفي حين أن تلك التقنيات لا تُجيب بشكل مباشر وقطعي على إمكانية عمل الأدمغة بعيدًا عن الجسم، إلا أنها توفر إجابات للأسئلة الأساسية عن حجم التعقيد العصبي في أدمغة الأشخاص الواعيين.
المصدر: Livescience
اقرأ ايضاً :
هل شاهد القدماء كائنات فضائية؟.. ربما تكون الإجابة نعم!
