يدور نظامنا الشمسي حول قلب الثقب الأسود في مجرة درب التبانة منذ 4.6 مليار سنة، ولكن يظل من الصعب تحديد عدد الرحلات التي قامت بها شمسنا حول المجرة خلال تلك الفترة.
وقد يستغرب البعض فكرة أن الأرض تتحرك عبر الفضاء، وتقوم برحلتين متزامنتين حول الشمس وعبر درب التبانة تمامًا كما يدور القمر حول الأرض ويدور كوكبنا حول الشمس، يدور نجمنا أيضًا حول مجرة درب التبانة – أو بشكل أكثر دقة، يدور حول الثقب الأسود الهائل في مركز مجرتنا، وفي الواقع تدور مجرة درب التبانة بأكملها باستمرار حول قلب الثقب الأسود في مجرتنا.
كم مرة دار نظامنا الشمسي حول الثقب الأسود في “درب التبانة”؟
الجواب ليس سهلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى، فبالمقارنة مع مدارات الكواكب حول الشمس، فإن مسار نجمنا عبر مجرة درب التبانة أطول بشكل لا يمكن تصوره وأقل استقرارًا، مما يجعل من الصعب حساب عدد المرات التي قمنا فيها بالدوران حول مركز المجرة.
يمكن أن يكشف استخدام الرياضيات البسيطة عن المدة التي يستغرقها النظام الشمسي حاليًا لعبور مجرتنا، والتي بدورها يمكن أن توفر تقديرًا جيدًا لعدد المرات التي قام فيها جيراننا الكوني بالرحلة.
لكن يبقى تقديم إجابة أكثر دقة أمر صعب، لأن العلماء ليسوا متأكدين إذا ظل المسار المداري للشمس ثابتًا طوال هذا الوقت.
تسافر الشمس وبقية النظام الشمسي حاليًا عبر مجرتنا بسرعة تبلغ حوالي 448000 ميل في الساعة 720000 كم / ساعة، يبدو هذا سريعًا بشكل لا يصدق، لكن بعض النجوم في مجرة درب التبانة، والمعروفة باسم النجوم فائقة السرعة، تجتاز المجرة بسرعة تصل إلى 5.1 مليون ميل في الساعة 8.2 مليون كم/ساعة .
وبالنظر إلى السرعة الحالية للشمس، يستغرق نجمنا حوالي 230 مليون سنة لإكمال رحلة واحدة حول درب التبانة، وهذا أطول من زمن مشى الديناصورات على الأرض وأكثر من 750 مرة أطول من عمر الإنسان على الأرض.
ووفقًا لبيانات جمعية الكواكب يبلغ عمر الشمس حوالي 4.6 مليار سنة، وولدت الأرض بعد حوالي 100 مليون سنة، وهذا يعني أنه إذا ظل المسار المداري للشمس ثابتًا طوال هذا الوقت، فستكون قد أكملت حوالي 20 رحلة عبر مجرتنا، ولكانت الأرض قد انجرفت في حوالي 98٪ من تلك الرحلات.
إلا أن تقديرات العلماء تشير إلى أن مدار الشمس لم يظل ثابتًا طوال حياتها، ومن المحتمل أن يكون نجمنا قد تحرك قليلاً منذ تشكله لأول مرة.
الهجرة الشعاعية
يقول فيكتور ديباتيستا عالم الفيزياء الفلكية بجامعة سنترال لانكشاير في المملكة المتحدة إن هناك احتمالاً قوياً بأن الشمس لم تولد حيث نجدها الآن، وربما ولد نجمنا بالقرب من مركز درب التبانة.
وأوضح ديباتيستا أننا موجودون حاليا على بعد حوالي 26100 سنة ضوئية من مركز المجرة، لكن معدنية أو كيمياء شمسنا تشير إلى أنها ولدت على بعد حوالي 16300 سنة ضوئية من قلب المجرة.
وأشار ديباتيستا إلى أن تلك الحركة تعرف باسم “الهجرة الشعاعية”، والتي تتضمن دفع النجوم على طول الأذرع الحلزونية للمجرات مثل درب التبانة، وهي حركة تشبه الطريقة التي يركب بها الرياضيون الأمواج.
وأفاد فيكتور ديباتيستا بأن الشمس عند ولادتها ، كانت دورتها المدارية أقصر بكثير، ومن المحتمل أن نجمنا استغرق حوالي 125 مليون سنة لإكمال رحلة ذهاب وإياب، لافتًا إلى أنه مع هجرة الشمس إلى الخارج، زادت فترة دورانها، لكن من المحتمل أن الأمر استغرق مليارات السنين للانتقال إلى موقعها الحالي.
علماء يكتشفون مجرة بعيدة تُشبه “درب التبانة”
عدد الأشجار على الأرض والنجوم في مجرة درب التبانة.. أيهما أكثر؟