تعتبر ذاكرة الطفولة المبكرة ظاهرة معقدة تُعرف باسم فقدان الذاكرة عند الأطفال، عندما نكون صغارًا، لا نتذكر تفاصيل الأحداث بشكل واضح بسبب أنماط الذاكرة في أدمغتنا.
يتذكر الأطفال الحقائق المهمة، لكنهم يفتقرون إلى الذاكرة العرضية التي تخزن تفاصيل محددة.
تعتبر الذاكرة باقة زهور تربط أجزاء الدماغ بنمط عصبي معقد، هذه الظاهرة تشكل تفسيرًا جزئيًا لتجاهلنا لذكريات الطفولة المبكرة جدًا.
الذاكرة كالزهور
قالت الدكتورة باتريشيا باور، أستاذة علم النفس في جامعة إيموري، إن فقدان الذاكرة عند الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة هو موضوع معقد يستحق الاهتمام، ويمكن تصور قشرة الدماغ كمجموعة من الزهور المنتشرة في الجزء العلوي من الرأس، والحصين هو الجزء المتميز والمركزي في وسط الدماغ يقوم بدور جمع هذه الزهور وربطها في باقة واحدة، إذن فإن عملية التذكر تشبه ترتيب الزهور في باقة وتتطلب تشكيل روابط عصبية بين أجزاء الدماغ التي يتم فيها تخزين الذكريات.
وأضافت الدكتورة نورا نيوكومب، أستاذة علم النفس في جامعة تمبل بفيلادلفيا، أنه قد يواجه الأطفال صعوبة في تسجيل بعض الأحداث والتجارب حتى سن 2-4 سنوات.
ويعود ذلك لأن الحصين يبدأ في ربط مختلف المعلومات معًا في تلك الفترة العمرية، وفيما يتعلق بالأطفال الأصغر سنًا، قد يكون تخزين التفاصيل العرضية غير ضروري أثناء تعلمهم عن كيفية عمل العالم، وقد يشتت انتباههم.
ويشير بعض الباحثين إلى أننا قد نخزن في الواقع تلك الذكريات المبكرة عندما نكون أطفالًا، ولكننا نواجه صعوبة في استرجاعها عندما نصبح بالغين، وأظهرت دراسة أُجريت في عام 2023 ونشرت في مجلة Science Advances أنه يمكن استعادة الذكريات “المنسية” للطفولة في الفئران البالغة من خلال تحفيز المسارات العصبية المرتبطة بهذه الذكريات باستخدام الضوء.
التوحد وذاكرة الأطفال
كما يهتم الباحثون بفهم العوامل التنموية التي تؤثر في فقدان الذاكرة لدى الأطفال، وتشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد المرتبط بالتطور العصبي يمكن أن يتذكروا ذكريات طفولتهم بشكل أفضل.
وتوصل الباحثون إلى أن هناك علاقة بين اضطراب طيف التوحد وفرط نشاط الجهاز المناعي للأم أثناء الحمل، ولغرض دراسة تأثير ذلك النشاط المناعي، تم تحفيز الجهاز المناعي لدى إناث الفئران خلال فترة الحمل.
لوحظ أن هذا التحفيز ساهم في الحفاظ على الذكريات المبكرة لدى النسل المصاب بالتوحد، من خلال تأثيره على حجم ومرونة خلايا الذاكرة في أدمغتهم، وعند تحفيز تلك الخلايا بصريًا في الفئران البالغة غير المصابة بالتوحد، تمكن الباحثون من استعادة الذكريات المفقودة.
وأكد الأستاذ توماس رايان، أحد المشاركين في الدراسة والأستاذ المشارك في قسم الكيمياء الحيوية في كلية ترينيتي بدبلن، أن هذه النتائج تشير إلى أن تنشيط الجهاز المناعي أثناء الحمل يؤثر على دماغ الجنين بشكل يعكس ويمنع فقدان ذكريات الطفولة المبكرة.
وأشار إلى أنه على الرغم من أن هذه الدراسة تمت على الفئران ولم تجر بعد على البشر، إلا أنها تفتح آفاقًا هامة لفهم عملية الذاكرة والنسيان في تطور الطفل والمرونة الإدراكية العامة في سياق اضطراب طيف التوحد.
أكبر الأعداد الأولية المعروفة.. يتكون من 24 مليون رقم