باتت موسكو تشعر بالقلق بعد أن صدق برلمان أرمينيا الثلاثاء الماضي، على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية “ICC”، معللة ذلك برغبتها في معالجة جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها أذربيجان في ناغورنو كاراباخ.
وتأتي هذه الخطوة وسط التوترات بين بريفان وموسكو، إذ تتهم روسيا أرمينيا بزيادة التوتر في إقليم ناغورنو كاراباخ، فيما يتهم سياسيون أرمنيون بوتين بأنه كان وراء تسليم الإقليم إلى أذربيجان بعد حرب عام 2020.
ماذا يعني انضمام أرمينيا إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
تعتبر موسكو أن خطوة بريفان بالانضمان إلى المحكمة الجنائية الدولية بمثابة عداء مباشر لها، إذ إن الهيئة القضائية الدولية التي يقع مقرها في لاهاي، أصدرت من قبل مذكرة توقيف بحق الرئيس فلاديمير بوتين، على خلفية اتهامه بترحيل أطفال أوكرانيين في حربه ضد كييف.
وعلى الرغم من أن رئيس وزراء أرمينيا سارع بطمأنة حليفته روسيا بأن العلاقات بين البلدين لن تتأثر بهذه الخطوة، إلا أنه سيتعين على بريفان إلقاء القبض على بوتين بمجرد أن تطأ قدمه أرضها بموجب انضمامها للمحكمة وقرار الأخيرة بحق الرئيس الروسي.
ووصف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قرار أرمينيا بأنه غير صحيح في ضوء العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين.
واشنطن وموسكو
وتُعد روسيا إلى جانب الولايات المتحدة هما الاقتصادان الرئيسيان في العالم اللذان وقعا على نظام روما الأساسي الذي تقوم عليه المحكمة الجنائية الدولية، ولكنهما لم يصدقا عليه بعد.
وكانت الولايات المتحدة وقعت على النظام الأساسي، ولكن خلال عهد الرئيس الأسبق بوش في عام 2002 تراجعت عن قرار التصديق عليه، معللة ذلك بعدم توافق النظام مع دستورها، إذ يعطي الحق للمحكمة بمحاكمة الأمريكيين الذين يرتبكون جرائم على الأراضي الأمريكية، وهو حق تاريخي مقتصر على المحكم الأمريكية.
أما روسيا فساءت علاقتها كثيرًا بالمحكمة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في مارس 2023، وذلك بعد أن اعتبرت بوتين مجرم حرب وأصدرت مذكرة توقيف بحقه.
كما انسحبت دولتان وقعتا من قبل من المعاهدة وهما بوروندي والفلبين، لينضما إلى الدول التي لم توقع أو تصدق بعد على المعاهدة.
متى تم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية؟
في أعقاب الحرب العالمية الثانية في أواخر أربعينيات القرن الماضي، تم وضع نظام روما الأساسي وهي المعاهدة التي رسخت لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
وجاء ذلك بالتزامن مع خروج اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جرائم الإبادة الجماعية إلى النور في 9 ديسمبر 1948.
وبموجب هذه الاتفاقيات، تم إنشاء إنشاء محكمتين جنائيتين دوليتين في التسعينيات في يوغوسلافيا السابقة ورواندا، وبعد ذلك تم سن مشروع لإنشاء ولاية قضائية جنائية عالمية دائمة.
وتختص المحكمة بالنظر في عدة جرائم منها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، إذا ارتكبت على أراضي دولة طرف أو من قبل أحد مواطنيها، وفق نظام روما الأساسي الذي جرى توقيعه في 17 يوليو 1998.
وقد تتدخل المحكمة في جريمة دولية ولكن بشرط واحد، وهو أن يوافق مجلس الأن التابع للأمم المتحدة على ذلك.
الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية
لا تعترف العديد من الدول في قارة أفريقيا بشرعية المحكمة، وذلك بسبب أن معظم المتهمين بارتكاب جرائم النزاع المسلح يتواجدون هناك.
وترى هذه الدول أن المحكمة بمثابة أداة استعمارية جديدة تستهدف جرائم الحرب في الدول الفقيرة بينما تتجاهل ذلك في الدول الأكثر ثراءً.
ويوضح الجدول التالي من Statista الدول التي صدقت على ميثاق روما باللون الأخضر ومنها: كندا والمكسيك وأمريكا الجنوبية بالكامل، وجنوب أفريقيا وبتسوانا ونامبيا، وجمهورية الكونغو تنزانيا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا وفنلندا والسويد والنرويج وأستراليا ومنغوليا.
أما الدول التي وقعت ولم تصدق فهي باللون الأصفر ومنها: روسيا والولايات المتحدة وألاسكا، والجزائر والمغرب ومصر والسودان واليمن وعمان، وأنغولا وموزمبيق وزيمبابوي والكاميرون.
وهناك 42 دولة لم توقع أو تصدق على المعاهدة وتأتي باللون الأبيض ومنها: الصين والهند وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا.
ولا تزال الأوضاع قيد التحقيق في عدة دول منها: مالي وغينيا وفنزويلا وأوكرانيا وليبيا والسودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وأوغندا وكينيا.
اقرأ أيضاً:
بعد إدانة بوتين.. هذه أبرز اختصاصات وصلاحيات المحكمة الجنائية الدولية
المحكمة الجنائية الدولية تأمر باعتقال بوتين.. أسئلة حول مستقبل الرئيس الروسي
بعد اتخاذ السودان خطوة الانضمام لها.. ماذا نعرف عن المحكمة الجنائية الدولية؟