تثير الموسيقى الشجون، وتقلّب في دفاتر الماضي وذكرياته. هل جرّبت الاستماع إلى أغنية أو مقطوعة موسيقية دأبت على الاستماع لها قبل سنوات مضت، أو سمعتها للمرة الأولى في فترة بعينها؟ أغلب الظن أن الإجابة نعم، وأغلب الظن كذلك أنك بمجرد سماعك لهذه المقطوعة أو الأغنية تسافر معها عبر الزمن، إلى تلك اللحظة البعيدة، مستعيداً ظروفاً ومواقف وأزمنة وأشخاصاً.
العلاقة بين الموسيقى والذاكرة
بين الموسيقى والذاكرة علاقة قوية، نعرج عليها في السطور التالية:
حسب psychologytoday فإنه يمكن تقسيم ذاكرتنا طويلة المدى إلى نوعين متميزين، الذاكرة الضمنية والذاكرة الصريحة؛ الذاكرة الصريحة هي تذكر متعمد وواعي للماضي، وتتضمن أشياء مثل التعلم من الكتب المدرسية أو الذكريات التجريبية، وهي أشياء يجب جلبها إلى الوعي بوعي وإدراك.
أما الذكريات الضمنية هي ذكرياتنا اللاواعية والتلقائية. على سبيل المثال، العزف على آلة موسيقية، أو تذكر كلمات أغنية عندما يغني شخص ما الكلمات القليلة الأولى، إذ إن جزءاً كبيراً من الذاكرة يحدث في العقل اللاواعي.
في غياب الاستدعاء، تتلاشى الذاكرة الصريحة، في حين أن الذاكرة الضمنية أكثر ديمومة وقد تستمر مدى الحياة حتى في غياب المزيد من الممارسة، علماً بأن أنظمة الذاكرة الصريحة تتضرر بسبب حالات مثل مرض ألزهايمر.
“التعرض المجرد” لـ”موسيقى الخلفية”
يمكن تكوين الذاكرة الضمنية من خلال الاستماع السلبي إلى موسيقى الخلفية. وقد نطور تفضيلاً لبعض المقطوعات الموسيقية لمجرد تشغيلها بشكل متكرر في الخلفية، فيما تُعرف هذه الظاهرة النفسية بتأثير التعرض المجرد.
يقول موقع psychologytoday إن الذاكرة الضمنية هي شكل من أشكال التكييف الكلاسيكي، إذ يتم ربط الحدث والعاطفة والأغنية من خلال الذاكرة الضمنية.
على سبيل المثال، عندما تقترن مقطوعة موسيقية بحدث عاطفي للغاية، يمكن أن يكون ذلك بمثابة إشارة فعالة لاستعادة المشاعر القوية التي شعرت بها في تلك اللحظة، وغالباً ما ترتبط أغنية مثل “Candle in the Wind” بالأميرة ديانا، والسبب أن إلتون جون أداها في جنازتها.
ذكريات خاصة
الذكريات التي تُحييها الموسيقى غالباً ما تأتي من أوقات معينة في حياتنا، إذ يميل معظم الناس إلى الحديث عن الذكريات عندما كانوا في سن 10 إلى 30 عاماً، وهو ما أطلق عليه علماء النفس اسم “عثرة الذاكرة”.
ويمكن أن ترتبط الموسيقى من فترة استرجاع الذكريات بذكريات أكثر من الموسيقى من فترات أخرى في حياتك، إذ تعتبر سنوات المراهقة والعشرينيات من العمر أوقاتاً مهمة ومثيرة بشكل خاص في حياتنا، حيث نختبر الأشياء لأول مرة، علماً بأن تفضيلاتنا الموسيقية تتشكل أيضاً في منتصف سنوات المراهقة، حسب psychologytoday.
علاج ألزهايمر
تُعد الموسيقى هي إحدى الطرق القليلة لاختراق دماغ مريض ألزهايمر، إذيمكن للأشخاص الذين يعانون من الخرف استعادة ذكريات حية من خلال الاستماع إلى الموسيقى التي سمعوها عندما كانوا صغاراً.
وعلى الرغم من فقدان الذاكرة العميق وحتى فقدان المعرفة حول هويتهم، غالباً ما يُظهر الأفراد المصابون بالخرف ذاكرة رائعة للموسيقى، إذ تظهر الأبحاث أن الموسيقى المختارة ذاتياً يمكن أن تثير ذكريات إيجابية قد يجدون صعوبة في تذكرها.
اقرأ أيضاً:
ما هي الموسيقى الأكثر شعبية حول العالم؟