انخرط الاقتصاديون وخبراء التقنية في نقاش حول التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي على الاقتصاد العالمي وانعكاس ذلك على الأفراد، منذ بداية التطوّر الكبير لـ “AI”، عندما تم إطلاق النموذج اللغوي الكبير “ChatGPT“.
وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي سيسهّل مهام عمل الناس ويزيد الإنتاحية بما يرفع معدلات الدخل، يقول آخرون إن تأثيره الاقتصادي الإيجابي لن ينعكس إلا على أصحاب الأعمال لا الموظفين، فأي الرأيين هو الأقرب للصواب؟
حجج المؤيدين والمعارضين
يقول الاقتصاديون إن الذكاء الاصطناعي، إذا لم يتم التعامل معه بطريقة صحيحة، يمكن أن يقوم بنفس الدور الذي أدته الكثير من الاختراعات في عصور سابقة، والتي ساهمت في زيادة ثروات الحكام وأصحاب رؤوس الأموال على حساب العمال.
يتوقع مؤيدو الذكاء الاصطناعي حدوث قفزة في الإنتاجية من شأنها أن تحسن مستويات معيشة البشر.
ويستند هؤلاء إلى دراسات حقيقية، حيث قدّرت شركة الاستشارات “McKinsey”، في يونيو، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف ما بين 14 تريليون دولار و 22 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي سنويًا.
من القيمة سنويًا – وهذا الرقم الأعلى يمثل تقريبًا الحجم الحالي للاقتصاد الأمريكي.
ويرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي هو التقنية التي ستحرر البشرية أخيرًا من المهام الرتيبة، وتجعلهم يعيشون حياة أكثر إبداعًا وترفيهًا.
وفي المقابل، هناك مخاوف كثيرة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سبل العيش، بما في ذلك قدرته على إلغاء الوظائف في قطاعات الأعمال المختلفة.
بحث كتاب ألّفه سايمون جونسون، أستاذ الاقتصاد العالمي والإدارة في كلية “إم آي تي سلون” للإدارة، وزميله دارون أسيموغلو، في مدى نجاح التقدم التقني بخلق المزيد من فرص العمل ونشر الثروة.
ووفقًا للكتاب، في حين أن الغزل كانت مفتاحًا لأتمتة صناعة المنسوجات في القرن الثامن عشر، أدى إلى زيادة ساعات عمل موظفي هذا القطاع في ظروف قاسية، كما سهّلت محالج القطن الميكانيكية توسع الرّق في القرن الـ 19 في أمريكا.
وبالنسبة للتطور المبني على الإنترنت، في حين أنه ققد أوجد العديد من الوظائف الجديدة، ذهبت النسبة الأكبر من الثروة الناتجة عنه إلى حفنة من المليارديرات، ولم تتحقق مكاسب الإنتاجية المرتفعة المتوقعة.
أشارت مذكرة بحثية، نشرت في يونيو الماضي، من قبل بنك “Natixis” الفرنسي، أن ذلك يرجع إلى أن الإنترنت لم يمس مجموعة كبيرة من قطاعات الأعمال، وساهم في استحداث العديد من الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة، مثل تسليم المشتريات عبر الإنترنت إلى العملاء.
قوة العمال
أشار سايمون جونسون أن إنشاء السكك الحديدية في إنجلترا في القرن الـ 19 أفاد المجتمع ككل، سواء كان ذلك من خلال النقل الأسرع للطعام الطازج أو السفر الترفيهي، كما أن المكاسب الديمقراطية في أماكن أخرى ساعدت الملايين على الاستمتاع بثمار التقدم التقني في القرن العشرين.
وقال جونسون إن هذا بدأ يتغير مع اتجاه أصحاب رؤوس الأموال نحو ما أطلق عليه “الرأسمالية العدوانية”، خلال العقود الأربعة الماضية.
وأضاف جونسون: “لم تصبح السلع في محلات البقالة أرخص، ولم تتغير حياة المتسوقين، ولكن ربح أصحاب رأس المال أكثر من خفض تكاليف العمالة”.
قالت ماري تاورز، المسؤولة عن سياسة حقوق التوظيف في “كونغرس النقابات العمالية في بريطانيا”: “هناك ضرورة لتمتع النقابات بحقوقها في المساومة حول دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مكان العمل”.
وأوضحت: “هذا مجرد واحد من عوامل عديدة ستساعد في تحديد تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتنا الاقتصادية، والتي تشمل سياسات مكافحة الاحتكار، التي تضمن المنافسة الصحية بين مقدمي خدمات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى إعادة تدريب القوى العاملة لاستخدامه”.
هل يمكن أن يؤدّي تطوّر الذكاء الاصطناعي إلى انقراض البشرية؟
تأثير الذكاء الاصطناعي.. هذا ما ستصبح عليه حياتنا في عام 2030
رغم التخوفات العالمية.. صراع أوروبي للسيطرة على الذكاء الاصطناعي