يحظى الفيلم الأمريكي “Oppenheimer”، المنتظر صدوره يوم 21 يوليو الحالي، باهتمام بالغ في الوسط الفني وخارجه، حيث يتناول السيرة الذاتية للعالم الفيزيائي، روبرت أوبنهايمر.
الفيلم الذي أخرجه كريستوفر نولان، وأدى دور البطولة فيه كيليان مورفي، مقتبس من كتاب السيرة الذاتية الحاصل على جائزة “بوليتزر” المرموقة، تحت مسمى “American Prometheus: The Triumph and Tragedy of J. Robert Oppenheimer”، فمن هو “أوبنهايمر”؟
نشأة لا تبشر بمستقبل عالم بارع
ولد “أوبنهايمر” في مدينة نيويورك عام 1904، وكان ابن لأسرة من الجيل الأول من المهاجرين اليهود الألمان الذين أصبحوا أثرياء من خلال تجارة المنسوجات.
نشأ “أوبنهايمر” في أسرة ثرية، وعلى الرغم من اقتناع عائلته بعبقريته وتفوّقه على زملائه، عانى في مسيرته التعليمية بسبب الخجل الذي أدى لعزلته عن أقرانه.
دراس “أوبنهايمر” الكيمياء في جامعة هارفارد، ثم انتقل إلى كامبريدج لإكمال دراساته العليا، وهناك أصرّ معلمه على العمل المخبري التطبيقي، باعتباره أحد نقاط ضعفه.
كتب “أوبنهايمر” في عام 1925: “إنني أمضي وقتًا سيئًا للغاية، فأنا سيء للغاية في العمل بالمختبر لدرجة أنه من المستحيل الشعور بأنني أتعلم أي شيء”.
في وقت لاحق من ذلك العام، ترك “أوبنهايمر” تفاحة ملوثة عمدًا، على مكتب مدرّسه، وعلى الرغم من أن المعلم لم يأكل التفاحة، ولكن مكانه في كامبريدج كان مهددًا، واحتفظ به بشرط أن يعرض على طبيب نفسي، وبعد فترة، قال روبرت إنه فكّر بجدية في الانتحار.
عالم الفيزياء وصنع القنبلة الذرية الأولى
في أوائل عام 1926، التقى “أوبنهايمر” بمدير معهد الفيزياء النظرية بجامعة “غوتنغن” في ألمانيا، وسرعان ما اقتنع الأخير بمواهبه فدعاه للدراسة هناك، فحصل “روبرت” على الدكتوراه وزمالة ما بعد الدكتوراه في العام التالي.
بالعودة إلى الولايات المتحدة ، أمضى أوبنهايمر بضعة أشهر في جامعة هارفارد قبل الانتقال لمتابعة حياته المهنية في الفيزياء في كاليفورنيا.
في جامعة كاليفورنيا، عمل عن كثب مع التجريبيين، وقام بتفسير نتائجهم على الأشعة الكونية والتفكك النووي، ووصف في وقت لاحق نفسه بأنه “الشخص الوحيد الذي فهم ما يدور حوله كل هذا”.
في عام 1939، كان علماء الفيزياء أكثر قلقًا بشأن التهديد النووي من اهتمام السياسيين، وكانت رسالة ألبرت أينشتاين هي التي لفتت انتباه كبار القادة في حكومة الولايات المتحدة إلى الأمر.
كان “أوبنهايمر” واحدًا من العديد من العلماء الذين تم تعيينهم لبدء البحث بجدية أكبر في إمكانات الأسلحة النووية.
بحلول سبتمبر 1942، بفضل فريق أوبنهايمر، كان من الواضح أن صنع القنبلة ممكنًا وبدأت الأطراف المعنية وضع خطط تطويرها.
نجاح ثم ندم ونهاية مأسوية
في الساعات الأولى من يوم 16 يوليو 1945، كان روبرت أوبنهايمر ينتظر لحظة من شأنها أن تغير العالم، حيث على بعد حوالي 10 كيلومترات، كان أول اختبار للقنبلة الذرية في العالم.
حملت القنبلة اسم “ترينيتي”، والتي تم إطلاقها في صحراء جورنادا ديل مويرتو، في نيو مكسيكو.
عرف “أوبنهايمر” بأنه كان دائم الإرهاق العصبي، وكان نحيفًا باستمرار، وبعد 3 سنوات كمدير لـ “Project Y” ، الذراع العلمية لـ “Manhattan Engineer District” التي صممت وصنعت القنبلة، انخفض وزنه إلى ما يزيد قليلاً عن 52 كجم.
في الدقائق الأخيرة من العد التنازلي، وفقًا لتقرير بيرد وشيرون، مؤلفا الكتاب، لاحظ جنرالات الجيش أن الدكتور أوبنهايمر أصبح أكثر توترًا مع دقات الثواني الأخيرة قبل إطلاق القنبلة”.
حدث الانفجار بقوة تطابق 21 كيلو طن من مادة “تي إن تي”، ليسجل “أوبنهايمر” أكبر انفجار في تاريخ البشرية على الإطلاق في هذا الوقت، محدثًا موجة صدمة شعر بها المتواجدون على بعد 160 كيلومترًا.
شعر “أوبنهايمر” بالاسترخاء بعد نجاح الانفجار، لكن هذا لم يدم طويلًا، ففي المقابلات التي أجريت معه في الستينيات، قال إنه في اللحظات التي أعقبت التفجير، خطرت في ذهنه مقولة “”الآن أصبحت الموت، مُدمر العوالم”.
في الأيام التالية، أفاد أصدقاؤه أنه بدا مكتئبًا بشكل متزايد، حيث سُمع ذات صباح وهو يتحدث بصوت عال عن مصير اليابانيين: “هؤلاء الفقراء الصغار ، هؤلاء الفقراء الصغار”.
لاحقًا، في لقاء مع نظرائه العسكريين، بدا أنه نسي كل شيء عن “الفقراء الصغار”، وركز بدلاً من ذلك على أهمية الظروف المناسبة لإسقاط القنبلة.
كان أوبنهايمر مدخنًا شرهًا منذ فترة المراهقة، وقد عانى من نوبات السل خلال حياته، وتوفي بسرطان الحنجرة عام 1967، عن عمر يناهز 62 عامًا.
السينما في المملكة.. انفتاح فني غير مسبوق
نمو قطاع إنتاج الأفلام السينمائية بالمملكة في الربع الأول من 2023