سياسة

إبعاد الهند عن روسيا.. لماذا تُعتبر مهمة صعبة على بايدن؟

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لتعميق علاقاتها وشراكتها مع الهند، رغبة في إبعاد روسيا عن المشهد، تظل العلاقات بين دلهي وموسكو راسخة بشكل كبير.

وتعلق الولايات المتحدة آمالًا على زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، إلى واشنطن اليوم، في دفع العلاقات بين البلدين نحو مزيد من التقارب.

أهمية روسيا بالنسبة للهند

تكتسب العلاقة بين الهند وروسيا أهمية كبيرة بالنسبة للأولى، التي ترى في موسكو وسيلة لتحقيق مصالحها وحائط صد لمنافستها الصين، فيما تلعب واشنطن أيضًا نفس الدور، بحسب ما نشرته “نيوزويك”.

ووفق سفير الهند السابق لدى الولايات المتحدة، نيروباما راو، فإن الصين تسيطر بشكل كبير على آسيا وأوراسيا، خصوصًا مع تدهور الأوضاع بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، ولذلك فالهند لا يمكن أن تتجاهل علاقتها مع روسيا والتي تُعتبر وسيلة لمواجهة احتكار الصين.

وتتبع الهند نفس السياسة مع المؤسسات المتعددة الأطراف التي تنتمي إليها إلى جانب الصين وروسيا، ومنها مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون.

وفي حين أن الهند تركز بشكل أكبر على علاقتها مع الغرب، إلا أنها تولي أهمية للحفاظ على الروابط الأوروبية الآسيوية.

ويقول راو إن العديد من دول آسيا الوسطى لا تطمئن لتحركات ونوايا الصين في المنطقة، ولذلك فوجود الهند هناك مهم جدًا، كما أنها قوة مناسبة تمامًا للمشاركة في محادثات البريكس، فيما يتعلق بالتنمية ومناقشات منظمة شنغهاي للتعاون حول الاتصال ومكافحة الإرهاب.

العلاقات بين دلهي وموسكو

ترتبط موسكو ونيودلهي بعلاقات بدأت في أعقاب استقلال الهند عن المملكة المتحدة والانقسام الدموي مع باكستان في عام 1947.

وقدم الاتحاد السوفيتي للهند دعمًا كبيرًا في الفترة التي شهدت صراعات حدودية مع باكستان المدعومة من الولايات المتحدة والصين، وهي علاقة اعترضت الأخيرة عليها.

في هذا التوقيت شهدت العلاقات بين الصين والاتحاد السوفيتي تدهورًا، وهو ما رأت الهند فيه فرصة لمنافسة بكين على علاقتها بموسكو.

ولكن راو يرى أن هذا الأمر تغير الآن وأصبحت هناك علاقات دافئة بين بوتين وشي جين بينغ، ولكن لا يمكن بالطبع مقارنتها بنظيرتها بين بوتين ومودي التي تتمتع بدفء وحميمية أكبر.

ومن بين أكثر المجالات التي تشهد تعاونًا وثيقًا بين الهند وروسيا هو مجال الدفاع، إذ تعتمد دلهي على موسكو في 50% من وارداتها الدفاعية، بما يُقدر بـ 80% من ترسانتها البحرية، و70% من قواتها الجوية.

أمريكا بديل لروسيا!

وفق راو، فإن العلاقات بين الهند وروسيا مستمرة، ولا يمكن أن ننظر لموسكو على أنها الماضي وواشنطن هي الحاضر.

حتى في الوقت الذي تسعى فيه نيودلهي لتنويع مصادر أسلحتها من خلال الاعتماد على أسلحة غربية، لن تضحي الهند بعلاقتها مع روسيا ولن تسمح لها بالانهيار “هذا آخر ما تتمناه دلهي”، بحسب ما قاله راو.

واتفق الزميل المتميز في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في نيودلهي، ناندان أونيكريشنان، مع أنه في حين أن الهند تولي أهمية كبيرة لعلاقتها الحالية مع الولايات المتحدة في ظل الصعود القوي للصين، إلا أن علاقتها مع روسيا ساهمت بشكل كبير في تشكيل استراتيجيتها الحالية مع واشنطن.

ويرى أونيكريشنان أن الموقف الهندي لا يشوبه أي تناقض، فهي معنية بالأساس بمصالحها، ولا تتعامل مع الجغرافيا السياسية على أنها لعبة تتطلب اختيار الانحياز لأحد الجانبين، ولكن كساحة يتعين عليها الحفاظ على مصالحها فيها.

رفض التحالفات

بدوره، اعتبر زميل أبحاث مبتدئ في معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية، جليب ماكارفيتش، أن الهند منذ زمن بعيد رفضت الدخول في أي تحالفات في الشرق أو الغرب، واستثمرت بدلاً من ذلك في تعزيز دورها في المؤسسات متعددة الأطراف.

وكمثال، فإن الهند لم تُدن الأعمال الروسية في أوكرانيا لأن الصراع من غير المرجح أن يؤثر على مصالحها الحاسمة، وفي الوقت نفسه، تجنبت الولايات المتحدة إلى حد كبير الانتقاد المباشر لعلاقات الهند المستمرة مع روسيا.

واختارت واشنطن عدم تنفيذ عقوبات ضد نيودلهي بسبب شرائها النفط الروسي في ظل الحرب في أوكرانيا، والحصول على نظام صواريخ إس -400 أرض-جو كجزء من صفقة دفاعية بقيمة 5 مليارات دولار توصل إليها مودي وبوتين في عام 2018.

وتسعى الهند لتكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول نهاية العقد، وربما شعرت بهذه القوة بعد أن تخطت الصين – التي تواجه شبح الشيخوخة – في عدد السكان لتصبح الأعلى في العالم.

ولكن زميلة ما بعد الدكتوراه في المدرسة الوطنية العليا للاقتصاد في جامعة الأبحاث الوطنية في موسكو، نيفيتيدا كابور، أشارت إلى أن نفوذ الهند المحدود “كقوة متوسطة” سيجبرها على الاستمرار في التعامل مع مجموعات أخرى من الدول، بما فيها روسيا.

“إيلون ماسك” في زيارة للصين رغم توتر العلاقات بين “واشنطن” و”بكين”.. لماذا؟

الزيارة الحاسمة.. على ماذا ستركز محادثات واشنطن وبكين؟

بعد اجتماع بلينكن والرئيس الصيني.. هل هدأت الأمور بين “بكين” واشنطن”؟