سيطر القلق على الاقتصاديين خلال القرنين الماضيين من أن النمو السكاني البشري المتسارع سيتجاوز نمو الموارد، وبالتالي حدوث صدمة مفاجئة، مثل الحروب والكوارث والمجاعات، لإعادة أعداد السكان إلى مستويات مناسبة، ومع ذلك، أخذت معدلات المواليد تتراجع بسرعة في جميع أنحاء العالم دون صدمات.
يستعرض هذا التقرير إحصائيات حول التغير في معدل المواليد الخام في أكبر 49 دولة من حيث عدد السكان في العالم في عام 2021، لقياس التغييرات منذ 1950.
وعادة ما يتم قياس معدلات المواليد باستخدام معدل المواليد الخام “CBR”، والذي يمثل عدد المواليد الأحياء لكل 1000 فرد في مجموعة سكانية معينة خلال فترة محددة.
في هذا الإحصاء، تم قياس “CBR” لأكبر 49 دولة من حيث عدد السكان في العالم في سنوات مختلفة من 1950 إلى 2021.
شهدت كل دولة مدرجة في القائمة انخفاضًا في معدلات المواليد في السنوات السبعين الماضية، فمثلًا، سجّلت الصين 41 ولادة لكل 1000 شخص في عام 1950، وبحلول عام 2021، انخفض هذا العدد إلى 7.6 فقط، أي بانخفاض قدره 81%.
وسجّلت كوريا الجنوبية انخفاضًا أكبر، بنسبة 86% في معدل المواليد منذ عام 1950، وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية هو الوحيدة التي حقّقت انخاض بأقل من 10% بين عامي 1950 و 2021.
وفي المملكة، كان عدد المواليد لكل ألف شخص 53.34 في عام 1950، وتراجع هذا العدد ليصل إلى 17.47 في 2021، بانخفاض بنسبة 67%.
بالنسبة لأكبر 49 دولة من حيث عدد السكان في عام 2021، انخفضت معدلات المواليد إلى النصف في المتوسط في السنوات السبعين الماضية.
وفي حين أن فكرة تراجع عدد سكان العالم قد تبدو مثيرة للقلق، يُنظر إلى انخفاض معدلات المواليد عمومًا على أنه انتصار للتنمية الاجتماعية والاقتصادية السريعة.
على سبيل المثال، يتيح التعليم الذي يشمل جميع أفراد المجتمع فرص عمل أكثر للنساء، وفي سبيل تحقيق النمو المهني والأهداف الشخصية، تختار بعض النساء تأجيل تكوين أسرة.
ويعد التوسع الحضري المتنامي محركًا رئيسيًا آخر لانخفاض معدلات المواليد، حيث يعيش الناس في مساحات أصغر، ويزداد تركيزهم على الوظائف.
وهناك سبب آخر في انخفاض معدّلات المواليد، يتمثّل في سهولة الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل، منذ السبعينيات.
النتيجة الأكثر تأثيرًا ووضوحًا لانخفاض معدلات المواليد هي شيخوخة السكان، أي زيادة نسبة المسنين في المجتمع.
مع وجود عدد أقل من الأطفال الذين يولدون، تزداد نسبة كبار السن مقارنة بالسكان في سن العمل، مما يشكّل تحديات لأنظمة الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية.
يمكن أن يؤثر انخفاض معدلات المواليد أيضًا على سوق العمل والإنتاجية الاقتصادية، فقد تؤدي قوة العمل الأصغر إلى نقص في العمالة، وفجوات في المهارات، وتراجع الابتكار.
كما أن تقلص عدد السكان يقلل من طلب المستهلكين، والذي يعد ركيزة الاقتصاد العالمي، مما قد يؤدي إلى إعادة هيكلة نموذج النمو الحالي للتنمية.
