تحلّ ذكرى مبايعة الملك فهد بن عبدالعزيز على تولّي مقاليد الحكم في المملكة، في 13 يونيو من كل عام، وهو اليوم الذي مثّل بداية حقبة استمرت لأكثر من عقدين، وشهدت تقدمًا على كافة المستويات، فما هي الإنجازات التي حُقّقت خلال فترة حكم خامس ملوك السعودية؟
رائد النهضة التعليمية
ولد الملك فهد بن عبد العزيز في مدينة الرياض عام 1920، وكانت بدايته في تقلّد المناصب السياسية من خلال تولّيه شؤون وزارة المعارف، كأول وزير لها، بعد صدور المرسوم الملكي بتأسيسها في ديسمبر عام 1953.
أنشئت وزارة المعارف لـ “نشر العلوم والمعارف والصنائع، وافتتاح المكاتب والمدارس والمعاهد العلمية مع الحرص على أصول الدين الحنيف”، وأثبت الملك فهد بن عبدالعزيز أنه كان على قدر المهام والتطلّعات.
كان عدد المدارس حتى تاريخ إنشاء وزارة المعارف 43 مدرسة ابتدائية، و4 مدارس ثانوية، ومدرسة تحضير البعثات، بالإضافة إلى المعهد العلمي السعودي.
تبنّى الملك فهد سياسة بعيدة المدى تهدف إلى نشر التعليم وتعميمه في جميع أنحاء المملكة، والتمهيد لإنشاء جامعة، أو أكثر، تكون نواة لتأمين التعليم العالي للطلبة السعوديين، مع التوسّع في الابتعاث، وتحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجيًّا من المدرسين السعوديين.
وفي خلال 7 سنوات، نجح الملك فهد في زيادة ميزانية وزارة المعارف من 45.67 مليار ريال في عام 1955 إلى 87 مليار ريال في عام 1960.
ساهم هذا في ارتفاع عدد المدارس الابتدائية إلى 712 مدرسة، كما وصل عدد المدارس المتوسطة إلى 36، وتضاعف عدد طلاب المدارس الثانوية.
وخلال تولي الفهد وزارة المعارف، أنشئت أول جامعة في الجزيرة العربية، عام 1957، وهي جامعة الملك سعود، تبعتها الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة عام 1960.
الأمن يتحقّق بالعلم
بداية من عام 1962، تولّى الملك الفهد شؤون وزارة الداخلية، فما كان منه بعد اختياره لهذا المنصب إلّا أن أعاد تنظيمها وفق أسس عصرية، فقرّر أن العلم هو السبيل الوحيد لهذا التنظيم، فأنشأ كلية قوى الأمن الداخلي، التي تعرف باسم كلية الملك فهد الأمنية الآن.
كما أنشأ معهد ضباط الصف والجنود، ومعهد المرور، ومعهد قيادة السيارات والميكانيكا، ومعهد اللغات، ومعهد التربية البدنية، وميدان الرماية الدولي، ومعاهد أخرى متخصصة وفق حاجات ونشاطات وزارة الداخلية.
أسفرت تلك النشاطات التنظيمية عن تكليف وزارة الداخلية بمسئوليات الأمن العام وخفر السواحل والدفاع المدني والجوازات والشؤون الجنائية والشؤون البلدية وإمارات المناطق، وما يتفرع عنها من تنظيمات، وعمّ السلام أرجاء المملكة.
إلى سُدّة الحكم
في العام 1967 عيّن الملك فيصل إلى الملك فهد نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى مسئولياته وزيرًا للداخلية ورئيسًا لعدد من الهيئات العليا المتخصصة.
وبصفته النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، أصبح الملك فهد يرأس معظم جلسات المجلس، إلى جانب قيامه بمسئوليات سياسة تتعلق بالسياسة الخارجية للمملكة، وإشرافه على الشؤون التنفيذية العليا في القطاعات الرئيسة في البلاد من تعليمية واقتصادية وبترولية.
ساهمت تلك المسؤوليات في إلمام الملك فهد بكل ما يتعلق بالسياسة والإدارة والحكم، وفي مارس عام 1975، توفي الملك فيصل، وبويع الملك خالد بن عبد العزيز ملكًا للبلاد، وأول قرار اتخذه الأخير، كان إسناد ولاية العهد ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء للملك فهد.
وبعد وفاة الملك خالد، بويع ولي عهده ملكًا للبلاد، ومن هنا بدأت رحلته نحو مزيد من التقدم للبلاد.
خادم الحرمين الشريفين
كان الملك فهد بن عبدالعزيز، أول من اتخذ لنفسه لقب “خادم الحرمين الشريفين”، في عام 1986، وخلال أكثر من 20 عامًا شهد الحرمان المكي والنبوي عمليات تطوير هائلة وغير مسبوقة في تاريخهما بهدف توفير أكبر قدر من الراحة والأمان للحجاج والمعتمرين والزوار وامتدت هذه العمليات إلى بقية المشاعر المقدسة التي يفد إليها الملايين في موسم الحج.
وقد التزم الملك فهد طوال عهده بسياسة المملكة الداعية إلى التضامن الإسلامي، والعمل على خدمة الإسلام والمسلمين، داخليًا وخارجيًا، وهي السياسة التي نتج عنها مؤتمرات للقمة، وأخرى لوزراء الدول الإسلامية في مختلف التخصصات، وفي منظمة للمؤتمر الإسلامي، ورابطة للعالم الإسلامي، ومراكز ومعاهد ومساجد تنتشر في معظم أنحاء العالم للدعوة إلى سبيل الله وجمع كلمة المسلمين.
وقد شهد عهد الملك فهد نهضة عمرانية وصناعية ضخمة، من خلال مشروعات الصناعات البتروكيميائية والغذائية، وتحولت المملكة إلى مركز جذب للاستثمارات الأجنبية وارتبط ذلك بإقامة مناطق صناعية كبرى وشبكات طرق سريعة تكلفت ملايين الدولارات.
من أشهر أقواله
– “إنني أعمل جاهدًا في سبيل إعلاء كلمة الدين، وإحلال عقيدة السلف الصالح، لذلك فإنني مبشر أدعو لدين الاسلام ونشره، وإني داعية أدعو للعقيدة السلفية الصالحة وهي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وماجاء عن الخلفاء الراشدين”.
– “بالنسبة لي، لست غريبًا على رجال العلم وطلبة العلم، فقد كان أفضل أيامي التي أعتز بها، واعتززت بها في الماضي، وسوف أعتز بها في الحاضر، وفي المستقبل، أن شرفني الله تعالى فقمت بأعمال وزارة المعارف التي شُكّلت في المملكة العربية السعودية، ومعها تقلدت مناصب أخرى، لكنني أجد أن العلم ورجال العلم هم الذين أشعر بهم حولي، وأنا كذلك في نفس الوقت حولهم، لإيماني الكامل بأن العلم هو الشيء الأساسي الذي تعتمد عليه الأمم، وفي مقدمة ذلك عقيدتنا الإسلامية السمحة التي هي -في الواقع- الأساس وهي مقياس لنا كأمة إسلامية”.
– “المملكة العربية السعودية هي واحدة من دول أمة الإسلام، هي منهم ولهم، نشأت أساسًا لحمل لواء الدعوة إلى الله، ثم شرفها الله لخدمة بيته وحرم نبيه، فزاد بذلك حجم مسئوليتها، وتميزت سياستها، وتزايدت واجباتها، وهي إذ تنفذ تلك الواجبات على الصعيد الدولي إنما تتمثل ما أمر به الله من الدعوة إلى سبيله، بالحكمة والموعظة الحسنة، وتتحسس ما كان يفعله رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، عندما يواجه الشدائد وعظائم الأمور، يستخدم العقل استخدامه للقوة، فالإسلام دين الرحمة والعقل والقوة، يأبى التخريب، ويحارب الغوغائية، محاربته للذل والضعف والاسترخاء”.
– “وأول مراحل تعاوننا هي دائرة جامعة الدول العربية، تحيط بالأمة العربية وترسم حدود نشاطنا معها ونحاول من داخلها أن نتعاون مع أشقائنا العرب على جمع الكلمة ورأب الصدع، إذ أننا نؤمن بأن في وحدة الصف قوة رادعة، وفي تفككه ضعف وهوان، ونأمل مخلصين أن تكون الخلافات هامشية بين الدول العربية”.
– “إن اقتناع الرأي العام العالمي بحقنا المشروع في فلسطين، وفي إرجاع الشعب الفلسطيني المشرد إلى وطنه، وحريته على تقرير مصيره وإقامة دولته، كل ذلك توفره وحدة صفوفنا ومواقفنا وقدرتنا على العمل الواحد، على رفض احتلال أرض شعب بالقوة، وهو الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره في أرضه ووطنه”.
الرئيس السوداني الراحل عبدالرحمن سوار الذهب يحكي موقفًا نبيلًا للملك فهد مع السودان
الملك سلمان يصدر أوامر ملكية جديدة تشمل إعفاءات وتعيينات
الأمير سلطان بن عبدالعزيز.. محطات من حياة مطور الخطوط السعودية
