تزايد عدد الأمهات اللاتي حصلن على وظائف مدفوعة الأجر خلال العقود الأخيرة، مما دفع العلماء للتساؤل عن كيفية تأثير هذا الاتجاه على الأطفال، خاصة خلال سنواتهم الأولى، في ظل أن أمهاتهم لا يستطعن البقاء في المنزل طوال الوقت لرعايتهم وتربيتهم.
ما مدى تأثير عمل الأم على أطفالها؟
بشكل عام، اتّضح أن عمل الأمهات له تأثير محدود على سلوك الأطفال وتحصيلهم الدراسي على المدى القصير، مع وجود بعض الفوائد على المدى الطويل.
على سبيل المثال، وجدت دراسة نُشرت في عام 2018 أن البنات اللاتي رعتهن أمهات عاملات كان لديهن فرصة أكبر للعمل بعد التخرج، ولديهن دخل أعلى.
عامل الوقت
تعاونت آمي هسين من جامعة كوينز كوليدج بمدينة نيويورك الأمريكية وكريستينا فيلفي من جامعة سانت غالن في سويسرا؛ للبحث في تأثير قضاء الأمهات العاملات وقتًا أقل مع أطفالهن.
توصلت الدراسة إلى أن الأمهات اللائي يعملن بدوام كامل يقضين وقتًا أقل مع أطفالهن، مع ميلهن لتعويض هذا الوقت بأوقات فعّالة أكثر.
وبحسب الدراسة، ليس لعمل الأم أي تأثير على الوقت المخصص للأنشطة التي تؤثر بشكل إيجابي على نمو الأطفال، وعلى العكس، فهو يقلل الوقت الذي يقضيه الأطفال في ممارسة الأنشطة التي قد تكون ضارة بنمو الأطفال.
وجدت الدراسة أنه “في كل أسبوع، يقضي الأطفال الذين تعمل أمهاتهم بدوام كامل، 3.2 ساعات أقل في المشاركة في الأنشطة غير المنظمة، وهي التي لا تتطلب مشاركة الأطفال والآباء معًا وتبادل الحديث فيما بينهم، مقارنة بالأطفال الذين تكون أمهاتهم عاطلة عن العمل”.
التأثير على وزن الأطفال
بحثت دراسة أخرى في كيفية تأثير عمل الأمهات على حالة وزن الأطفال أصحاب البشرة السمراء واللاتينيين من الأسر ذات الدخل المنخفض في بوسطن وشيكاغو وسان أنطونيو بالولايات المتحدة.
وجد الباحثون أن انتقال الأم من كونها متفرغة إلى عاملة، أو انتقالها من العمل بدوام جزئي إلى العمل بدوام كامل، يزيد من احتمالات إصابة طفلها بزيادة الوزن.
قال مؤلفو الدراسة: “كان الأطفال الذين زادت أمهاتهم من جداول عملهم خلال السنوات القليلة الأولى من حياة الأطفال أكثر عرضة لمشاكل الوزن”.
ولاحظ الباحثون أنه في العينة المكونة من 602 طفل، كان اتباع روتين عائلي ثابت يحدّد أوقات الوجبات وأوقات النوم مرتبطًا بانخفاض بنسبة 61% في احتمالات الإصابة بالسمنة.
ماذا عن التحصيل الدراسي؟
قادت راشيل دنيفون، العميد المؤقت لكلية البيئة البشرية بجامعة كورنيل، دراسة لاستكشاف ما إذا كان توظيف الأمهات يحسن التحصيل الأكاديمي للأطفال.
حلّل الباحثون مجموعة بيانات عن 135 ألف طفل ولدوا في الدنمارك بين عامي 1987 و1992 تتبعتهم حتى الصف التاسع.
كان لدى الأطفال الدنماركيين الذين عملت أمهاتهم أثناء طفولتهم متوسط درجات أعلى في سن 15 من الأطفال الذين لم تعمل أمهاتهم، بينما الأطفال الذين عملت أمهاتهم ما بين 10 و19 ساعة في الأسبوع حصلوا على درجات أفضل من الأطفال الذين عملت أمهاتهم بدوام كامل أو بضع ساعات فقط في الأسبوع.
إيجابيات عمل الأم
هناك عدد من المزايا لكون الأم عاملة، حتى إذا لم تتمكن من رعاية أطفالها طوال الوقت، من بينها وجود القدوة، حيث يغرس عمل المرأة في نفوس الأطفال فكرة أن دورها يمكن أن يشمل مهنة مزدهرة بصرف النظر عن المهام المنزلية.
كما يميل أطفال الأمهات العاملات إلى أن يصبحوا أكثر استقلالية، نظرًا لأن الأمهات العاملات بحاجة إلى تعليم الأطفال كيفية القيام بالأعمال المنزلية بأنفسهم، مما يطور شعورًا قويًا بالمسؤولية في سن مبكرة.
ويقول الخبير الصحي والمساهم في “Lifehack”، روبرت لوك، إنه “من المرجح أن تعاني الأمهات في المنزل من الاكتئاب، وهو ما قد يؤثر سلبًا في رعاية الأطفال”.
سلبيات عمل الأم
وفي حين أن الأمهات العاملات يتمتعن ببعض المكاسب، فهن يعانين أيضًا من بعض الجوانب السلبية، مثل أنهن أكثر توترًا وقلقًا من غرهن.
يخلق هذا الشعور بالتوتر أن الأم تنهمك في العمل لساعات طويلة خلال اليوم، وقد تعاني الإرهاق من الزحام أثناء العودة للمنزل، وما إن تصله، حتى تجد أطفالها وهم يحتاجون إلى اهتمام أحد الوالدين.
وهناك احتمالية لمعاناة الأمهات من بعض المشكلات الصحية نتيجة مواصلة العمل، نتيجة الإجهاد الذي يولّده اتباع نفس الروتين اليومي.
وتفوّت بعض الأمهات العاملات فرصة حضور بعض لحظات حياة الطفل التي لن تتكرر، مثل الكلمة الأولى، والخطوة الأولى.
وفي بعض الأحيان، لا يمكن للأمهات العاملات حضور المناسبات العائلية بسبب جداولهن المزدحمة، كما تميل بعضهن إلى تكريس معظم وقتهن للحياة المهنية، لذلك قد يكون لديهن اهتمام أقل بشؤون الأسرة.
ماذا لو انفصل الوالدان؟.. كيف يتأثر الأطفال وما هي أفضل الطرق لتجنب الأضرار؟
ماذا لو لم تكن الموظف المفضل لمديرك؟.. أهم النصائح للحصول على ترقية