أثبتت دراسات علمية أن مسامحة الشخص الذي أساء إلينا مفيد لصحتنا العقلية ويرتبط بمستويات أقل من التوتر، فمن شأن هذا السلوك تجنيبنا الغضب والاستياء، وتعزيز الشعور بالتعاطف والرحمة.
نستعرض في هذا التقرير، المعنى الحقيقي للتسامح، وأنواعه، وتأثيره على الصحة النفسية، ونصائح لتسهيل فعله.
أنواع التسامح الثلاثة
التسامح هو فعل داخلي، يقوم على التخلّي عن الغضب وإظهار الرحمة، ومن سوء الفهم الشائع أن الغفران أنه مرتبط بالمصالحة، وعلى العكس فهو لا علاقة له بإعادة بناء العلاقة أو التواصل.
وهناك ثلاثة جوانب مختلفة للتسامح وهي:
مسامحة شخص آخر
هذا الجانب من المغفرة هو الأكثر شيوعًا، إذ إنه ينطوي على التسامح الشخصي بين شخصين أو أكثر.
تتضمن بعض الأمثلة على المشكلة خيانة الأمانة، وتوجيه الكلمات السلبية، والسلوك العدواني، والمشاجرات الجسدية.
وتشمل العوامل التي تؤثر على احتمال التسامح قيمة العلاقة ونوعها، واحتمال حدوث الضرر مرة أخرى، وخطورة المخالفة.
مسامحة النفس
قد يتطلب مسامحة نفسك على أخطائك بذل أقصى جهد لأنك قد تشعر بالحزن بشأن شيء قلته أو فعلته أو لم تفعله.
وعلى النقيض من هذا، فإن عدم مسامحة نفسك يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالخزي والذنب وهزيمة الذات والعواقب الصحية الضارة مثل الاكتئاب.
مسامحة الموقف أو الظرف
يتضمن هذا الجانب من المغفرة أحداثًا لا تخضع لسيطرة الشخص، والتي قد تشمل الوباء والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والأعاصير وموت أحد الأحباء وتلقي تشخيص لحالة تهدد الحياة.
هذه المواقف تجعل الناس غاضبين، وتجعلهم يشعرون بالعجز والضعف واليأس، وإذا كان الشخص غير قادر على التسامح، فقد يطور نظرة سلبية للعالم.
كيف يؤثر التسامح في الصحة النفسية؟
هناك عدة جوانب يؤثر فيها التسامح بشكل إيجابي على صحتنا العقلية، وتشمل:
تقليل الاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية الرئيسية
أظهرت دراسة أجريت على الممرضات أن التسامح كان مرتبطًا بشكل كبير بنتائج أفضل للرفاهية النفسية والاجتماعية مثل التأثير الإيجابي والتكامل الاجتماعي وانخفاض نتائج الضائقة النفسية مثل أعراض الاكتئاب.
نظرت دراسة في تأثير التعاطف مع الذات على العلاقة بين قلة التسامح وأعراض الاكتئاب، ووجدت أن العلاقة بينهما طردي، حيث الغفران للنفس يساعد الفرد على الشعور بالعواطف الإيجابية والنظر إلى مشاعره المؤلمة بفهم ولطف وإحساس بالإنسانية المشتركة.
يقلل الإجهاد المزمن
التفكير في ما فعله شخص ما أو كيف سارت الأمور يمكن أن يجعلنا متوترين بشكل مزمن، وفي المقابل، يمكن أن يساعد التسامح في خلق السلام في حياتنا وشفاء الجروح العاطفية .
وجدت دراسة عن العلاقة بين التسامح والتوتر والتغيرات في الصحة العقلية والجسدية، أن زيادة الغفران يخفض التوتر.
على سبيل المثال، قد يكون التسامح آلية للتكيف تستخدم لتخفيف الشعور بالتوتر الذي يسبب أعراض الصحة العقلية. من ناحية أخرى.
يمنع الغضب السام
يمكن أن يساعدنا التسامح في التخلص من الاستياء، وتهدئة عقولنا، وخلق السلام مع أنفسنا، والشعور بدرجة أقل من القلق، وتحسين مستويات الطاقة لدينا.
وعلى الرغم من أن الشعور بالغضب أحيانًا أمر طبيعي تمامًا وصحي، إلا أنه إذا استمر طويلًا، يضرّ الصحة الجسدية والعقلية والعاطفية.
يعيد بناء احترام الذات
يمكن أن يكون للتسامح تأثير على احترامك لذاتك؛ لأن المغفرة لشخص جرحك من خلال تقديم التعاطف والرحمة يمكن أن يغير الطريقة التي ترى بها نفسك.
نصائح تمكّنك من المسامحة
قد يكون من الصعب أن تسامح خاصة إذا كان الأمر يؤلمك بشدة، ومع ذلك، هناك طرق تساعدك على جني فوائد التسامح على الصحة العقلية، وهي كما يلي:
– مارس التعاطف: حاول أن تضع نفسك في مكان الشخص الآخر وتصفح أفكاره ومشاعره، مما يمكن أن يساعدك هذا في فهم سبب تصرفهم أو قولهم.
– تعاطف مع ذاتك: عندما نتعرض للظلم، نلوم أنفسنا أحيانًا لكوننا الضحية، ومع ذلك، عندما تعامل نفسك برأفة، فمن الأسهل أن تسامح نفسك، بالنظر إلى أن ما حدث ليس انعكاسًا لقيمة الذات.
– ذكّر نفسك بالفوائد: أحيانًا ننسى أن المغفرة تكافئ المسامح لا المغفور له.
– تحدث إلى شخص ما: مشاركة أفكارك ومشاعرك مع صديق موثوق به أو أحد أفراد الأسرة يمكن أن يقدم وجهة نظر مختلفة حول هذه المسألة.
– اكتب رسالة: إن وضع هذه المشاعر في كلمات عن طريق كتابتها يمكن أن يساعدك على التخلص من المشاعر وإعطاء توضيح لما حدث.
الروتين اليومي للمشاهير المبدعين.. كيف كانوا يقسّمون أوقاتهم؟