يحرص الكثير من الموظفين على تحقيق إنتاجية عالية، عن طريق تنظيم الوقت، وتنسيق مساحة العمل بحيث تخلو من الإلهاء، والحد من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم هذا لا يحرزون أي تقدم، ويعود ذلك غالبًا إلى أربعة “تحيّزات معرفية”. إليك أسبابها وطريقة التعامل معها:
تأثير الاستعجال
يجعلنا تأثير الاستعجال نبادر لحل المسائل العاجلة وتأجيل العمل المهم، على الرغم من أن المهمة لها مردود ومكافآت أكبر.
ويقع البعض في فخ الاستعجال لأن تلك المهام تجلب إشباعًا فوريًا بالإنجاز، وينتهي الأمر بمن يبادر دومًا إلى تنفيذها إلى تخصيص وقت أكبر لها على حساب العمل الأكثر تأثيرًا.
وفي المقابل، ليس للمهام الاعتيادية المهمة موعد نهائي محدد، حيث تستغرق وقتًا طويلاً، وترهق العقل أيضًا، فيعمد البعض إلى تأجيلها، مما يدخله في دائرة عدم الإنتاجية.
ويمكن تجنّب تحيّز الإلحاح باستخدام “مصفوفة أيزنهاور”، والتي تعتمد على تنفيذ كل مهمة واحدة تلو الأخرى، وتقسيم المهام إلى أربعة احتمالات:
– هام وعاجل: المهام التي يجب تقليل الوقت اللازم لإنجازها.
– مهم وغير عاجل: يتم تحديد تلك الأولويات وجدولتها في أوقات مناسبة.
– غير مهم وعاجل: يمكن تفويضها إلى من يمكنه القيام بها.
– غير مهم وغير عاجل: قم بإلغاء هذه المهام وتخلص منها.
وهناك بعض الممارسات الأخرى التي تجعل أداء المهام يتم بدون فواصل، مثل:
– تخصيص فترات زمنية محددة للرد على رسائل البريد الإلكتروني أو الدردشات أو المهام الأخرى المماثلة.
– تقليل الوقت الذي تقضيه في الاجتماعات.
– الاستفادة من فترة ذروة الإنتاجية للقيام بأهم الأعمال.
– تحديد مواعيد نهائية للمهام المهمة وتحميل النفس مسؤولية الوفاء بها.
تأثير “زيجارنيك”
يشير هذا المصطلح إلى الأفكار المتطفلة التي تشتت انتباهنا حتى لجزء من الثانية، مثل رسائل البريد الإلكتروني التي لم نرد عليها، ومواعيد الاجتماعات، والتي تجعل من الصعب التركيز وإنجاز أي عمل ذي معنى.
تم تسمية هذا التحيّز على اسم عالمة النفس “زيجارنيك” الذي اكتشفه لأول مرة، والذي حذّر من أن السماح لدماغنا بتذكيرنا بأننا لم نفعل شيئًا أمر مزعج، ويمكن أن يؤدي إلى التوتر والقلق والإرهاق.
لاحظت زيجارنيك وأستاذها كورت لوين أن النوادل في مطعمهم يتذكرون أوامر الجميع على الرغم من عدم تدوين أي شيء، ولكن بمجرد دفع الفاتورة، تخرج تلك المعلومات من ذاكرتهم.
أدى ذلك إلى سلسلة من التجارب التي استندت إلى استنتاج “زيجارنيك” أن العقول البشرية تتعامل مع المهام التي تم إكمالها بشكل مختلف عن تلك التي لا تزال مكتملة، حيث المهمة التي بدأت بالفعل تخلق توترًا، مما يجعلها في طليعة ذاكرتنا، ويتم تخفيف التوتر عند الانتهاء من المهمة، ولكنه يستمر إذا تمت مقاطعته أو لم يكتمل بعد.
تظهر الأبحاث التي أجرتها جامعة ولاية فلوريدا أن التخطيط للعمل مقدمًا وكتابته يمكن أن يحرر عقلك من تشتيت الأفكار حول العمل غير المكتمل.
احصل على طقوس يومية وأسبوعية وشهرية لمراجعة وتحديد الأولويات والتخطيط لما تنوي القيام به، وعندما يفوتك شيء ويتذكره عقلك، لا تتركه معلقًا، واكتبه على الفور.
تحيز التعقيد
انحياز التعقيد هو هذا الميل إلى تفضيل التفسيرات والحلول والحجج المعقدة على التفسيرات السهلة، ويفسّر هذا لم تبدو المنتجات المتطورة أكثر موثوقية بينما تبدو المنتجات العادية أقل شأنًا.
ويقع الكثير من الناس في فخ التعقيد عندما يخطئون في التفريق بين البساطة والسهولة، فقد يتطلب إيجاد حلول بسيطة للمشكلات في بعض الأحيان مزيدًا من الجهد.
لفهم الأمر، دعونا نفترض أن “جيم” حصل على فرصة لإعداد وتقديم تصميم منتج جديد لفريقه بأكمله، وأراد بواسطته أن يبرز الحل ويؤسس المصداقية مع الآخرين.
ولكن بدلاً من طرح السؤال “ما المشكلة التي يجب على هذا المنتج حلها وكيف يمكنني حلها بأبسط طريقة ممكنة؟” سأل “ما المشكلة التي يجب على هذا المنتج حلها وكيف يمكنني جعله يبدو جيدة؟”.
أدت محاولة جعل الحل جذابًا إلى اختيارات سيئة، فبدلاً من اختيار تقنية بسيطة يفهمها جيدًا، قرر استخدام تقنية جديدة بدون خبرة، وقدّم ميزات تضيف القليل من القيمة إلى العميل ولكنها تبدو مثيرة للاهتمام في التنفيذ.
لمقاومة تحيّز التعقيد، استخدم “شفرة أوكام”، والتي تعتبر واحدة من أكثر النماذج العقلية المفيدة لحل المشكلات.
تدعو شفرة أوكام إلى البساطة من خلال التركيز على العناصر الأساسية للمشكلة، والقضاء على الخيارات غير المحتملة وإيجاد حلول بافتراضات أقل.
مغالطة التخطيط
إن مغالطة التخطيط هي ما يجعلنا نلتزم بجداول زمنية مفرطة في التفاؤل، ونفوت تلك المواعيد النهائية، ثم نغرق في الشعور بالذنب والقلق والتوتر.
وقد نقع في مغالطة التخطيط عند تقدير الوقت المستغرق لإكمال مهمة معينة، دون النظر إلى المخاطر والأحداث الأخرى غير المحتملة التي قد تمنعنا من إكمال المهمة في الوقت المحدد.
وحتى تتجنب الوقع في تلك المغالطة، قسّم المشروع إلى أجزاء صغيرة وقدّر المدة التي سيستغرقها كل جزء، مما سيؤدي إلى جعل تقديرات مجهودك أقرب بكثير إلى الواقع، بدلًا من الاسترشاد بشكل غامض بالحدس.
ويساعد في تجنب المعاناة بسبب مغالطة التخطيط إضافة المزيد من الوقت لتقديراتك، بما يصل إلى 20% إضافية زائدة عن حساباتك.
وينبغي التركيز على “التغذية الراجعة” لتحديد وقت أداء المهام، ففي كل مرة تقوم فيها بشيء ما، قم بتدوين المدة المستغرقة، وعندما تفوتك المواعيد النهائية، حدد الأخطاء التي ارتكبتها والتغييرات التي تحتاجها في عملية التخطيط لديك للقيام بعمل أفضل في المرة القادمة.
8 نصائح مُذهلة لإدارة الوقت.. تضمن لك زيادة إنتاجيتك