يكتسب الأطفال اللغة دون عناء وبشكل طوعي يتعلمون كلمات جديدة بسرعة كبيرة، لدرجة أن المراهق يتقن في المتوسط نحو 60 ألف كلمة من لغته الأم بحلول الوقت الذي ينهي فيه دراسته الثانوية.
تكشف عملية حسابية بسيطة أنهم تعلموا ما متوسطه 9- 10 كلمات يوميًا خلال فترة الطفولة، ورغم ذلك قد لا نستخدم كل هذه الكلمات مرارًا وتكرارًا، ويكون الأمر مقتصر فقط على مجموعة فرعية محدودة من الكلمات.
كيف يعرف الأطفال ما تعنيه الكلمة؟
عندما يُقال للطفل كلمة جديدة فغالبًا ما يكون هناك العديد من الأشياء المادية التي تدل على هذه الكلمة، أو الخصائص وردود الأفعال التي تفسر معنى ما يُقال، وكذلك العديد من الإشارات التي يمكن أن تساعد في تحديد المعنى الصحيح.
في كتابه “هندسة المعنى” طرح الدكتور بيتر جاردينفورز، أستاذ العلوم المعرفية بجامعة لوند بالسويد، أطروحة مفادها أن الأطفال لا يتعلمون الكلمات بمعزل عن الآخرين ، لكنهم يصنفونها في مجالات معاني.
من الأمثلة على هذه المجالات: الحيوانات والفواكه والألوان والمركبات، وبمجرد أن يبدأوا في تعلم الكلمات في مجالات معينة، يمكنهم بسهولة اختيار كلمات جديدة، وبالتالي، إذا كان الطفل البالغ من العمر 3 سنوات يعرف “الأحمر” و”الأصفر” و”الأزرق” و”الأخضر” في مجال الألوان، فيمكنه بسهولة تعلم “الأرجواني” و”الفيروزي” و”البيج” بعد ذلك بسهولة.
على الجانب الآخر، فإذا كان والدا الطفل يعانيان من مشكلات مالية، فغالبًا ما يسمع الطفل كلمات مثل “الفواتير” و”القروض المصرفية” و”الرهن العقاري”، بذلك لا يستطيع الطفل تعلم ما تعنيه هذه الكلمات حتى يكتسب المفاهيم المقابلة، وهذا بدوره يتطلب من الطفل فهم المجال المالي.
قد يكون الأطفال قادرين على فهم “الشراء” و “البيع” كإجراءات ملموسة، لكن هذا لا يعني أنهم يفهمون مفهوم “المال”، هناك أحد الأطفال الذب وصف تصرفات والدته في ماكينة الصرف الآلي بأنها “شراء أمي للمال”، هذا ما يدل أن اللغة يمكن أن تساعد الأطفال على تعلم المفاهيم، إلا أنها لا تكفي دائمًا، لذلك يُنصح بشرح وتبسيط معنى تلك الكلمات أكثر.
طرح الدكتور “جاردينفورز” أطروحة تأسيس عامة تتعلق بالمجالات الدلالية: إذا تم تعلم كلمة واحدة من مجال ما خلال فترة معينة، فيجب تعلم كلمات أخرى شائعة من نفس المجال خلال نفس الفترة تقريبًا.
لاختبار الأطروحة جرى تحليل البيانات من لغة الأطفال المنطوقة، وتبين أنه غالبًا ما تبدأ الكلمات بدون استخدام، وتزداد بسرعة، ثم تستقر بمجرد تثبيتها في مفردات الطفل.
كانت أسرع فترة زيادة فترة التأسيس لكلمة، بين 12 و24 شهرًا من العمر، حيث يختبر الأطفال تعلم كلمات أساسية في مجال معين بينما يكتسبون كلمات بتفاصيل أكثر بعد ذلك بقليل، رغم ذلك فإن تعلم الكلمات في بعض المجالات يستغرق وقتًا أطول، ربما يتراوح بين 30 و 42 شهرًا من العمر.
يمكن وصف العديد من الكلمات وخاصة الصفات من حيث الأبعاد، على سبيل المثال، يمكن وصف البعد الرأسي من خلال الكلمات المضادة “مرتفع” و”منخفض” بالنسبة للأشياء ككرسي أو مبنى، أو “طويل” و”قصير” بالنسبة للأشخاص.. مثال آخر هو “جيد” و”سيئ” الذي يمثل بُعدًا للتقييم.
درس اختبار آخر لفرضية التأسيس كيف يتعلم الأطفال الصفات التي تشير إلى نفس المجال، أُجريت تجربة لفحص فيها مدى معرفة الأطفال لمعنى الكلمات المعاكسة.
طُلب من الأطفال في سن الثالثة والخامسة سلسلة من الأسئلة مثل “إذا لم يكن الشيء باردًا، فعندئذ يكون …؟” حيث كان على الطفل أن يملأ الصفة المفقودة.
بالنسبة للجزء الأكبر، نجحت الطريقة بشكل جيد، وتتضمنت التجارب دائمًا مفاجآت، مثلا الطفل الذي سُئل “إذا لم يكن الإنسان كبيرًا في السن ، فهو …؟” أجاب “… ليس متجعدًا في وجهه”.
كانت النتيجة الأكثر أهمية للتجربة أنه إذا أتقن الطفل كلمة واحدة في زوج من الأضداد، فهناك احتمال كبير أن يتقن الكلمة الأخرى أيضًا، إضافة إلى أن الأطفال لا يتعلمون الكلمات واحدة تلو الأخرى، بل مجالًا تلو الآخر.
معدلات القلق لدى الأطفال تتزايد.. هذا ما كشفته دراسة حديثة
عبر الزمن.. كيف انخفض معدل وفيات الأطفال من 50% إلى 4%؟
فيديو| مختص يقدّم نصائح لتنمية مهارات وقدرات الأطفال القيادية من عمر 5 سنوات