عند السفر إلى الصين، سيواجه السياح أحيانًا أسماء أطباق غريبة في قوائم الطعام. على سبيل المثال، ما الذي يعنيه «شرائح الرئة الزوجية»؟ وهل «شعيرية السمك» تحتوي على سمك فعلاً؟
إحدى أبرز الأسباب التي تجعل ترجمة الأطعمة الصينية إلى الإنجليزية «مهمة مستحيلة»، كما يصفها أستاذ الترجمة في جامعة هونج كونج، إسحاق يو، هو تعقيد ثقافة الطهي الصينية نفسها. ويضيف أنه عند محاولة ترجمة أطباق مثل «شيزيتو»، يمكن أن نستخدم تعبيرات مثل «كرة اللحم الصينية» أو «رأس الأسد المطهو»، ولكن أيًا منهما لا يعبر تمامًا عن طبيعة الطبق الثقافية والذوقية.
وفقًا للكاتبة البريطانية المتخصصة في المأكولات الصينية، فوشيا دنلوب، تعود الصعوبة في الترجمة إلى التاريخ الطويل والمعقد للمطبخ الصيني، الذي يزخر بالكلمات والمفاهيم التي لا توجد معادلات لها في الإنجليزية. تشير دنلوب إلى أن بعض الأطعمة الصينية لا تتشابه مع أي طعام إنجليزي آخر، ما يجعل الترجمة مستحيلة في كثير من الأحيان. مضيفة أن اللغة الصينية متعددة الألوان والنغمات، مما يصعب أحيانًا فهم الأطباق.
وتعتقد دنلوب أن الحل الأمثل قد يكون في استخدام مصطلحات صينية مباشرة في القوائم، كما نستخدم كلمات مثل «شيف» أو «أومليت» من اللغة الفرنسية في الإنجليزية. وبذلك يتعرف الناس على الأطعمة الصينية بطريقة أكثر واقعية.
قد تقابل بعض الأطباق بترجمات قد تبدو غير مألوفة أو محيرة. على سبيل المثال، الـ«باو» الصغيرة أو ما يُسمى «شياو لونج باو»، هي في الأساس نوع من «البو» المطهو على البخار، لكن يُترجمها البعض إلى «دملمة صغيرة» أو «دملمة سائلة» بسبب الحساء الذي يحتويه.
والدملمة عجين محشو بمكونات مختلفة مثل اللحم أو الخضروات، ثم يتم طهيها إما بالبخار أو القلي أو السلق. ويمكن أن تشبه في بعض الأحيان الكرة أو الشكل المغلق، حيث يكون العجين محيطًا بالحشوة. الدملمات مشهورة في العديد من المأكولات حول العالم، مثل «جياوزي» الصينية و«سمبوسة» العربية.
أيضًا، يعتبر طبق «قالب الراديس» الذي يترجم عادة إلى «كعكة اللفت»، في الحقيقة مصنوعًا من الفجل الأبيض وليس اللفت، وقد نشأت هذه الترجمة بسبب التشابه في الشكل، رغم الاختلاف الكبير بين النباتين.
أما عن طبق «شرائح الرئة الزوجية»، الذي يحمل اسمًا غريبًا «فوكي فيي بيان»، فهو ليس طبقًا يحتوي على الرئة أو له علاقة بالزواج، بل مجرد شرائح لحم بقري مقطعة تُقدم مع صوص حار من الفلفل. ويعتقد البعض أن الاسم مشتق من قصة حب بين بائعين للطبق، لكنه لا يحمل أي إشارة لعضو الجسم أو للحب.
هناك بعض الأطباق التي تحمل أسماءً عجيبة تعكس ثقافة المطبخ الصيني. على سبيل المثال، طبق «بطة بكين» الذي لا يزال يحتفظ باسمه في الترجمة الإنجليزية رغم تغيير اسم العاصمة من «بكين» إلى «بيجينج». ويُعتبر هذا المثال دليلاً على أن الطعام قد يكون أكثر من مجرد اسم، بل جزءًا من هوية ثقافية أوسع.
طبق «السمك ذو النكهة السمكية»، الذي يُترجم إلى «الباذنجان بنكهة السمك»، هو الآخر مثال على الترجمة الثقافية. حيث لا يحتوي الطبق على سمك فعلي، لكن التسمية تعكس المكونات المستخدمة فيه، مثل الفلفل الحار والزنجبيل، التي عادة ما تُستخدم في أطباق السمك التقليدية في منطقة سيتشوان.
على جانب آخر لا تزال الأطباق الصينية التي تهاجر إلى الولايات المتحدة، مثل «تشوب سوي» و«تشاو مِين»، تحمل أسماءً محرفة بناءً على اللهجات الإقليمية الصينية. وفي حين تبدو هذه الأطباق غريبة للمستهلكين، فهي جزء من تاريخ الطعام الصيني، التي تعكس الترجمات الغريبة لأسماء أطعمته مدى غنى وتنوع هذا المطبخ، وقد تكون هذه الترجمات نفسها وسيلة لزيادة فهم الناس حول الأطباق الصينية.