قطع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، زيارته إلى المملكة في أعقاب لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك بسبب هجوم استهدف منطقة جامو وكشمير في جبال الهيمالايا المتنازع عليها من الهند وباكستان، أمس الثلاثاء.
وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 26 شخصًا من السياح في إحدى المناطق السياحية الشهيرة وتُدعى “باهالغام” بمقاطعة أنانتناغ الجبلية، وهو الهجوم الأسوأ منذ سنوات. وبحسب شهود عيان، فتح مسلحون النيران على السياح من مسافة قريبة، وهاجموا عائلة بعد اتهامها بدعم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. وتبنت جماعة مسلحة باسم “جبهة المقاومة” الهجمات، وقالت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إن سبب الهجوم كان غضبها من استقرار بعض الغرباء في المنطقة ما ترتب عليه “تغييرًا ديموغرافيًا”.
وتشهد منطقة الهيمالايا المتنازع عليها بين الهند وباكستان هجمات متكررة ولكنها نادرًا ما تستهدف السياح. من جانبه استنكر مودي الهجوم، وقال عبر منصة إكس إن مرتكبي هذا الحادث لن ينجو بفعلتهم وأنه سيعمل على تقديمهم للعدالة في أقرب وقت. فيما بدأ فيلق الجيش الهندي المسؤول عن تأمين المنطقة في إجراء تمشيط وعمليات بحث للقبض على المهاجمين.
يعود تاريخ الصراع في كشمير ذات الأغلبية المسلمة الواقعة في شمال الهند إلى عام 1947، عندما قسم الاحتلال البريطاني الحدود بين الهند وباكستان وترك لـ جامو وكشمير حرية الاختيار في الانضمام إلى الدولة المناسبة. وبعد اختيار كشمير الانضمام إلى الهند اندلعت الحرب الهندية الباكستانية بين عامي 1947 و1948. وفي عام 1949، تم إنهاء الحرب بين الطرفين من خلال اتفاق “كراتشي” لوقف العنف والذي أشرفت عليه لجنة فرعية للهدنة من الأمم المتحدة.
ولكن في عام 1965 بدأت المناوشات مرة أخرى بين ضباط الحدود خاضت على أثرها الدولتان حربًا قصيرة في عام 1971، وساعدت الهند شرق باكستان على الاستقلال والتي أضبحت بنغلاديش حاليًا. وفي عام 1989، استغلت باكستان بعض حركات المقاومة الناشئة في كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية، وحاولت تقويض السلطة الهندية ما أدى إلى تجدد التوترات أعقبها عقود من العنف الطائفي. وفي عام 1999 عبر الجنود الباكستانيون خط السيطرة الذي تم إنشاؤه بموجب اتفاق “شيملا” في عام 1972 وقسّم كشمير إلى منطقتين.
وبسبب هذا العبور تم إشعال فتيل حرب “كارجيل” ورغم أن كلا البلدين حافظا على وقف إطلاق نار هش منذ عام ٢٠٠٣، إلا أنهما يتبادلان إطلاق النار بانتظام عبر الحدود المتنازع عليها، ويتهم كل جانب الآخر بانتهاك وقف إطلاق النار، ويدعي أنه يطلق النار ردًا على الهجمات. ومن بين أكبر الهجمات، كانت محاصرة مسلحين للعاصمة الهندية في عام 2008، وخلال 3 أيام تم قتل 166 شخصًا من بينهم 6 أمريكيين، وألقت كل من الهند والولايات المتحدة باللوم على جماعة لشكر طيبة (LeT) المتمركزة في باكستان.
في نهاية عام 2016 وحتى عام 2018، بدأت مناوشات حدودية بين الطرفين، ما أدى إلى مقتل العشرات وتشريد آلاف المدنيين. وفي عام 2019، أسفر هجوم على قافلة للقوات شبه العسكرية الهندية في بولواما، الشطر الهندي من كشمير، عن مقتل ما لا يقل عن أربعين جنديًا.
وكانت ذروة الهجمات في عام 2020، إذ تم الإبلاغ عن أكثر من 4 آلاف حادث إطلاق للنار عبر الحدود، واستمر العنف على الحدود الهندية الباكستانية حتى عام 2023، حين اتهم الجيش الباكستاني القوات الهندية بقتل مدنيين اثنين على طول خط السيطرة، وهو أول حادث من نوعه منذ أن اتفق الجانبان على وقف إطلاق النار في عام 2021.