أفادت صحيفة “واشنطن بوست”، نقلاً عن مسؤولين كبيرين مطلعين على محادثة هاتفية جرت الأسبوع الماضي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الأمريكي دونالد ترامب أن الشرط الأساسي من أجل إيقاف الحرب في أوكرانيا هو تخلي كييف عن السيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك، الإقليم الرئيسي في شرق البلاد.
وبدأت الأوساط السياسية في الغرب الحديث عن هذا العرض في وقت تتزايد فيه التكهنات حول لقاء ثانٍ محتمل بين ترامب وبوتين هذا العام، قد يُعقد في العاصمة المجرية بودابست.
وكشفت المصادر أن بوتين، الذي تسيطر قواته حاليًا على ما يقارب 20% من الأراضي الأوكرانية، أبدى استعداده للتخلي عن أجزاء من منطقتي زابوريجيا وخيرسون اللتين تسيطر عليهما روسيا جزئيًا، ولكن فقط في مقابل بسط سيطرته الكاملة على دونيتسك.
ويمثل هذا الشرط جوهر المبادرة الروسية الجديدة التي يسعى ترامب لاستكشافها، في إطار وعوده بإنهاء الصراع، حيث يرى الرئيس الأمريكي أن التوصل إلى اتفاق هو الأولوية القصوى.
وكتب “ترامب” على وسائل التواصل الاجتماعي بعد لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: “حان الوقت لوقف القتل وعقد صفقة! لقد سُفكت دماء كافية”.
تمثل منطقة دونيتسك أهمية استراتيجية بالغة لكلا الطرفين، وهو ما يفسر تمسك بوتين بها كشرط لإيقاف الحرب في أوكرانيا، فبالنسبة لموسكو، التي تحاول السيطرة على المنطقة منذ أكثر من عقد، فإن السيطرة الكاملة عليها ستجنبها المزيد من الخسائر العسكرية الفادحة وتعزز مطالبتها بالإقليم.
أما بالنسبة لكييف، فإن دونيتسك تشكل حاجزًا دفاعيًا حيويًا يمنع القوات الروسية من التقدم نحو العاصمة، وبالتالي، فإن التخلي عنها لا يعني خسارة الأرض فحسب، بل المخاطرة بفقدان خط دفاعي مهم ضد أي هجمات روسية مستقبلية.
وأثار هذا العرض ردود فعل متباينة، فبينما يرى بعض المسؤولين الأمريكيين أن المطلب قد يمثل تنازلًا ممكنًا مقارنة بمطالب بوتين السابقة، أعرب دبلوماسيون أوكرانيون وأوروبيون عن شكوكهم العميقة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي كبير قوله: “الأمر أشبه ببيعهم ساقهم مقابل لا شيء”.
وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، سأل المسؤولين الأوكرانيين خلال اجتماع أخير في البيت الأبيض عن إمكانية التخلي عن دونيتسك، وهو ما قوبل بتأكيد على أن المنطقة تظل معقلًا حاسمًا.
ورغم أن الأوكرانيين كانوا يأملون في الحصول على صواريخ توماهوك بعيدة المدى خلال اجتماعهم مع ترامب، إلا أن هذه الأسلحة لم تُسلم، حيث صرح الرئيس الأمريكي بأنه يأمل في إنهاء الحرب دون استخدامها.
وعندما سُئل عما إذا كان بوتين يماطل لكسب الوقت، قال ترامب بثقة: “لا بأس إذا استغرق الأمر بعض الوقت. لكنني أعتقد أنني جيد جدًا في هذه الأمور”.
