لم ينفِ البيت الأبيض رسميًا أن يكون اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ورد ضمن ملفات وزارة العدل المتعلقة بالممول الراحل جيفري إبستين، حسب ما أفاد به مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية لـ«رويترز» يوم الأربعاء.
وأوضح المصدر أن ظهور اسم ترامب في الملفات «أُشير إليه ضمن موجزات إعلامية وُزِّعَت على مؤثّرين سياسيين»، مؤكدًا أن الوثائق التي تُدُووِلَت داخليًا اعترفت بهذه الحقيقة.
يأتي هذا بعد ساعات من نفي رسمي سابق، وصف فيه البيت الأبيض تقرير «وول ستريت جورنال» بأنه «أخبار كاذبة».
وبحسب تقرير الصحيفة، أبلغت وزيرة العدل بام بوندي الرئيس في مايو الماضي بأن اسمه، إلى جانب عدد من الشخصيات البارزة، قد ورد في وثائق وزارة العدل المرتبطة بالتحقيقات القديمة حول إبستين، الذي توفي في زنزانته عام 2019 في أثناء محاكمته بتهم تتعلق بالاتجار الجنسي بالقاصرات.
عدم صدور نفي مباشر من البيت الأبيض شكّل مفارقة سياسية لافتة، خاصة في ظل تصاعد الضغوط من القاعدة اليمينية الداعمة لترامب، والتي سبق أن طالبت مرارًا بالكشف الكامل عن ملفات إبستين، باعتبارها تضم أسماء شخصيات نافذة يعتقد أن لها صلات غير قانونية بالممول المثير للجدل.
وقالت بوندي ونائبها تود بلانش، في بيان مشترك: «لم نجد في الوثائق ما يستدعي فتح تحقيق أو توجيه اتهامات جديدة، وقد قدمنا بالفعل طلبًا قانونيًا لفتح محاضر هيئة المحلفين الكبرى». البيان لم يتطرّق مباشرة إلى ما إذا كان اسم ترامب ورد ضمن تلك المحاضر.
يرتبط إبستين بشبكة من العلاقات الواسعة شملت سياسيين ومصرفيين وأكاديميين ومشاهير. وقد صوّرته بعض نظريات المؤامرة كشخصية محورية في شبكة فساد عالمي. في هذا السياق، كان ترامب دائمًا حريصًا على التأكيد أنه «قطع علاقته بإبستين» قبل توجيه أول اتهام رسمي له عام 2005.
لكن تقريرًا جديدًا نشرته «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي زاد الطين بلّة، حين ذكر أن ترامب أرسل لإبستين بطاقة تهنئة في عام 2003 جاء فيها: «عيد ميلاد سعيد… وليكن كل يوم سرًا جميلًا جديدًا». الرئيس سارع إلى مقاضاة الصحيفة ومالكها، روبرت مردوخ، بتهمة «نشر أخبار ملفقة».
هل تتجه القضية نحو تصعيد قانوني؟
شهد اليوم الأربعاء تطورًا قانونيًا لافتًا، إذ رفضت قاضية المحكمة الجزئية في فلوريدا، روبن روزنبرغ، طلب وزارة العدل الإفراج عن محاضر هيئة المحلفين في تحقيقات إبستين السابقة، معتبرة أن الطلب لا ينطبق على الاستثناءات القانونية الخاصة بسرية هذه الوثائق.
في المقابل، ما زالت وزارة العدل تنتظر قرارًا من المحكمة الفيدرالية في نيويورك بخصوص ملفات مرتبطة بإدانة غيلاين ماكسويل، الشريكة السابقة لإبستين، والتي تقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 20 عامًا بعد إدانتها في قضايا تتعلق بالاتجار بالبشر واستغلال القاصرات.
وسط الجدل المتصاعد، أعلن رئيس مجلس النواب مايك جونسون بشكل مفاجئ إنهاء الدورة الصيفية للكونجرس قبل موعدها بيوم، لتجنّب تصويت محتمل حول قرار يُلزم وزارة العدل بالكشف عن ملفات إبستين. القرار قوبل بانتقادات من ديمقراطيين وبعض الجمهوريين، الذين اعتبروا ذلك تهربًا من المساءلة.
وأظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز/إبسوس» الأسبوع الماضي، أن نحو 68% من الأمريكيين يعتقدون أن إدارة ترامب تُخفي معلومات تتعلّق بعملاء إبستين وشبكة علاقاته.
وتوفي جيفري إبستين منتحرًا عام 2019، وفقًا للتقرير الرسمي لمصلحة الطب الشرعي في مدينة نيويورك. إلا أن الشكوك حول وفاته لم تهدأ، خاصة مع غياب كاميرات المراقبة وتورّط أسماء بارزة في قضايا مرتبطة به. وقد سبق أن تعرّض ترامب، إلى جانب عدد من السياسيين مثل بيل كلينتون، لتساؤلات حول علاقاتهم بإبستين، دون توجيه اتهامات رسمية لأي منهم.