تتزايد المخاوف من تحول الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وإيران إلى حرب إقليمية شاملة وسط الدعوات التي تتعالى بضبط النفس، ولكن القلق من أن تتجاهل الأطراف المتصارعة دعوات التهدئة وهو ما ينذر بتداعيات أخطر على المنطقة والعالم.
وفيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة التي قد تتكشف في الأيام والأسابيع المقبلة بحسب تحليل نشرته شبكة “بي بي سي”
على الرغم من النفي الأمريكي الرسمي للتورط في الحرب الدائرة الآن بين طهران وتل أبيب، إلا أن طهران تعتقد أن واشنطن قدمت على الأقل دعمًا ضمنيًا للهجوم الإسرائيلي. هذا الاعتقاد قد يدفع إيران إلى الرد عبر استهداف المصالح الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط، مثل القواعد العسكرية في الخليج، أو المعسكرات التي تضم قوات خاصة في العراق، أو حتى البعثات الدبلوماسية. ورغم أن قدرات وكلاء إيران الرئيسيين كحماس وحزب الله قد تضاءلت بشكل كبير، إلا أن الميليشيات الموالية لها في العراق لا تزال تحتفظ بقدرات تسليحية سليمة.
وكانت واشنطن، تحسبًا لهذا السيناريو، قد أجلت بعض موظفيها من المنطقة، ووجهت تحذيرات شديدة اللهجة لطهران من مغبة استهداف أي أهداف أمريكية. ولكن التحول الوحيد في الأحداث قد يكون نتيجة مقتل أو إصابة مواطن أمريكي في تل أبيب أو أي مكان آخر نتيجة لهذا الصراع، وفي هذه الحالة قد يجد الرئيس دونالد ترامب نفسه في موقف لا مفر فيه من الرد العسكري، على الرغم من وعوده الانتخابية لناخبيه المؤيدين لشعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” بتجنب ما يسمى بـ”الحروب الأبدية”. ويأتي ذلك في ظل وجود تيار قوي داخل الحزب الجمهوري يدعم وجهة نظر حكومة بنيامين نتنياهو بأن الوقت قد حان للسعي نحو تغيير النظام في طهران، وهو ما قد يورط واشنطن في تصعيد هائل ذي عواقب مدمرة.
حال لم تحقق الضربات الإسرائيلية هدفها الرئيسي بضرب المنشآت النووية الإيرانية نظرًا لوجودها في أعماق كبيرة تحت سطح الأرض، أو عدم قدرة الضربات الإسرائيلية على تدمير مخزون إيران الكامل من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والذي يبلغ 400 كيلوغرام ويكفي لصنع عشر قنابل نووية تقريبًا، فربما يدفعها الأمر لاتخاذ خطوات أخرى. على الجانب الآخر، قد تلجأ إيران إلى تسريع وتيرة العمل على تطوير القدرة النووية العسكرية، وهذا السيناريو قد يدخل المنطقة في حلقة مفرغة ومتواصلة من الضربات الإسرائيلية الوقائية والهجمات الإيرانية المضادة، وهي استراتيجية يصفها الإسرائيليون بتعبير قاسٍ هو “جزّ العشب”.
مع بدء الضربات بين إسرائيل وإيران، سارعت أسعار النفط بالارتفاع بالفعل كرد فعل أولي على الهجوم. لكن ماذا لو قررت إيران، في خطوة يائسة، محاولة إغلاق مضيق هرمز، مما يقيد بشكل كبير حركة ناقلات النفط؟ وماذا لو ضاعف حلفاؤها الحوثيون في اليمن هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر؟. هذه الاحتمالات قد تنعكس على إمدادات النفط، وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة غلاء المعيشة التي تعاني منها دول عديدة حول العالم، وسيزيد من الضغوط التضخمية في نظام اقتصادي عالمي يئن أصلاً تحت وطأة حرب ترامب الجمركية. ولعل المستفيد الوحيد من مثل هذا السيناريو هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي سيرى مليارات الدولارات الإضافية تتدفق إلى خزائن الكرملين لتمويل حربه ضد أوكرانيا.
قد يكون إسقاط النظام الإيراني هو السيناريو الأبعد بالنسبة لإسرائيل، ولكنه من بين أهداف نتنياهو المعلنة بالحرب على إيران التي لا تقتصر على تدمير قوتها النووية، وما يؤكد ذلك هو تصريحاته في أعقاب الهجمات على طهران والتي وجه خلالها رسالة للشعب الإيراني بأن هجومه “يمهد الطريق لتحقيق حريتكم”. وعلى الرغم من أن إسقاط حكومة طهران هدفًا مغريًا للبعض في المنطقة، لكن تبعات تحقيق هذا الهدف قد تترك فراغًا سياسيًا يحمل عواقب غير محسوبة لمثل هذا الانهيار، وهو ما يُعيد للأذهان ما حدث في العراق وليبيا بعد إزالة الحكومات المركزية القوية لا تزال حية.