اشتعلت أسواق النفط العالمية صباح اليوم الجمعة، على وقع الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران، وسط مخاوف من احتمالية تعطيل إيران للملاحة في مضيق هرمز الذي يُعتبر الشريان الرئيسي لحركة النفط العالمية.
وقفزت أسعار العقود الآجلة للخام بأكثر من 5 دولارات للبرميل، مسجلة ارتفاعًا تجاوز 8%. هذه القفزة الهائلة تعكس المخاوف العميقة لدى المستثمرين من اضطراب وشيك في إمدادات الطاقة من منطقة الشرق الأوسط الحيوية، خاصة بعد أن تم الهجوم دون تنسيق مع الولايات المتحدة. وسجلت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي تسليم أغسطس 75.05 دولارًا للبرميل (بارتفاع 8.2%)، بينما وصلت العقود الآجلة للخام الأمريكي تسليم يوليو إلى 73.68 دولارًا للبرميل (بارتفاع 8.3%).
ويأتي هذا الاضطراب في الأسواق بعد أن شنت إسرائيل، في تحرك منفرد، عملية عسكرية وصفتها بأنها “مستهدفة” لبرنامج إيران النووي والصاروخي. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العملية، التي أُطلق عليها اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت موقع نطنز الرئيسي لتخصيب اليورانيوم وعلماء نوويين إيرانيين، وأنها ستستمر “لأيام عديدة حسب الحاجة”.
وقد أكدت تقارير إعلامية إيرانية رسمية مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني، الجنرال حسين سلامي، في الضربات. ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم ترصد أي زيادة في مستويات الإشعاع في موقع نطنز، إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أعلن حالة طوارئ خاصة في إسرائيل تحسبًا لرد إيراني. من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن واشنطن لم تشارك في الهجوم، قائلاً: “لسنا متورطين في ضربات ضد إيران، وأولويتنا القصوى هي حماية القوات الأمريكية في المنطقة”، مضيفًا أن إسرائيل أبلغتهم بأنها تعتبر “هذا الإجراء كان ضروريًا للدفاع عن نفسها”.
يرى محللون أن هذه التطورات تشكل “جرس إنذار” لأسواق النفط التي كانت تتجاهل إلى حد كبير المخاطر الجيوسياسية خلال العام الماضي. ويقول شاول كافونيك، رئيس أبحاث الطاقة في “إم إس تي ماركي”، إن هذه المخاطر أصبحت الآن “ملموسة وشيكة” أكثر مما توقعه الكثيرون، محذرًا من أن “الهجمات ستشهد شكلاً من أشكال الانتقام، والذي يمكن أن يخرج بسهولة – حتى لو كان عن غير قصد – عن السيطرة”.
ويشعر المستثمرون الآن، بحسب آندي ليبو رئيس “ليبو أويل أسوشيتس”، بالقلق من أن ردًا إيرانيًا قد يستهدف مصالح إسرائيلية أو أمريكية، مما قد يؤدي إلى تصعيد عسكري كبير وتعطيل محتمل لإمدادات الخام. وأشار ليبو إلى أن إيران تدرك جيدًا أن الرئيس دونالد ترامب يركز على خفض أسعار الطاقة، وأن أي تأثير على الإمدادات ورفع لأسعار الوقود سيضر به سياسيًا.
رغم أن المخاوف تصاعدت بشأن احتمالية لجوء إيران إلى تعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز، الذي يمر عبره خُمس إمدادات النفط العالمية، إلا أن خبراء يقللون من هذا الاحتمال. وتشير إيلين والد، من “واشنطن آيفي أدفايزرز”، إلى أن الهجوم الإسرائيلي لم يستهدف منشآت إنتاج أو تصدير النفط الإيرانية بشكل مباشر، مما يعني أن طهران لا تزال قادرة على تصدير نفطها.
وترى والد أنه “ليس هناك حقًا أي فائدة صافية من محاولة عرقلة مرور النفط عبر مضيق هرمز”، لأن إيران ستواجه ردًا انتقاميًا، وضغطًا اقتصاديًا هائلاً من أكبر مشترٍ لنفطها، الصين، التي “لا ترغب في أي انقطاع لتدفق النفط، وستستخدم كل قوتها الاقتصادية ضد إيران”. كما أن قدرة إيران على إغلاق المضيق بالكامل موضع جدل، حيث يمكن تحويل مسار السفن إلى المياه الإماراتية والعمانية.
وفي محاولة لتهدئة الأسواق، صرح المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، بأن الوكالة “تراقب بنشاط تأثير الوضع الإسرائيلي الإيراني على أسواق النفط”، مؤكدًا أن “الأسواق معروضة بشكل جيد اليوم، لكننا مستعدون للتحرك إذا لزم الأمر”، مشيرًا إلى امتلاك الوكالة 1.2 مليار برميل من المخزونات الطارئة المتاحة.