في أول مقابلة معمّقة له منذ مغادرته البيت الأبيض في يناير، عاد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن إلى دائرة الضوء متحدثاً لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن حقبته الرئاسية، السياسة الخارجية، وتحول العالم في أعقاب رئاسته، مع تحذيرات غير مسبوقة بشأن الأمن الدولي والعلاقات الأمريكية الأوروبية.
عبر بايدن عن قلقه من الاتجاه الذي يسلكه العالم، لا سيما مع ما وصفه بـ”التهدئة الحديثة” حيال روسيا، وضعف مصداقية التحالفات الغربية، ونستعرض خلال التقرير أبرز 5 قضايا تحدث عنها في المقابلة.
بدأ بايدن حديثه بالحديث عن قرار انسحابه من سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024، معترفاً بصعوبة الخطوة، لكنه أكد أنها كانت القرار الصحيح، ولو أنه جاء متأخراً.
قال بايدن: “لم يكن سهلاً أن أقول إنني سأتوقف… تطورت الأمور بسرعة جعلت الانسحاب معقداً”، وأشار إلى أن قراره تأخر حتى وقعت المناظرة الكارثية في يوليو 2024، التي دفعت إلى انسحابه قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات، مما ترك الحزب الديمقراطي في موقف هش.
وعلى الرغم من إقراره بأن نائبة الرئيس كامالا هاريس كانت “مرشحة جيدة”، فإن تأخر الانسحاب جعل الحملة الديمقراطية غير مستقرة، على حد قوله، مما مهّد الطريق لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، رغم أن الديمقراطيين احتفظوا بتفوق مالي ملحوظ.
في موقف صريح ومباشر، هاجم بايدن ما وصفه بمحاولات “استرضاء روسيا”، منتقدًا مقترحات من إدارة ترامب بقبول تنازلات إقليمية من أوكرانيا لصالح الكرملين، واعتبر أن هذا النهج لا يختلف عن “التهدئة” التي مارسها الأوروبيون مع أدولف هتلر قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وقال بايدن: “لا أفهم كيف يرى البعض أن التنازل لبوتين يمكن أن يؤدي إلى السلام”، وأضاف أن اتفاقاً يرضي روسيا سيعرّض دول أوروبا الشرقية لضغوط اقتصادية وعسكرية قد تفتح الباب لابتلاعها تدريجيًا من قبل موسكو.
يعتبر بايدن أحد أبرز المدافعين عن الحلف الأطلسي (الناتو)، وقد ساهم خلال ولايته في توسعة الحلف ليشمل فنلندا والسويد، لكنّه اليوم عبّر عن قلق بالغ من التوجّه الذي يسلكه ترامب وحلفاؤه، الذين يشككون في التزامات أمريكا الدفاعية تجاه أوروبا.
في المقابلة، وصف بايدن تفكك الناتو بأنه سيكون “تغييرًا في مجرى التاريخ”، مضيفًا: “لسنا الأمة الوحيدة، لكننا الأمة الوحيدة القادرة على توحيد الآخرين خلف قيادتها”.
ورأى أن إدارة ترامب الحالية تضعف الثقة في الولايات المتحدة، ليس فقط بين الحلفاء، بل حتى بين شعوب هذه الدول التي اعتادت أن ترى في واشنطن حاميًا لقيم الحرية والديمقراطية.
لم يُخفِ بايدن استياءه من التغييرات الجوهرية التي يشهدها الخطاب السياسي الأمريكي في عهد ترامب، منتقدًا ما وصفه بالاندفاع وراء “خطط إقليمية غير عقلانية” مثل الحديث عن كندا أو قناة بنما أو حتى جرينلاند.
قال بايدن: “أي رئيس يتحدث بهذه الطريقة؟ هذا لا يُعبّر عن هوية أمريكا. نحن نُدافع عن الحرية، لا عن المصادرة”.
في إشارة ساخرة إلى الاجتماع المتوتر بين ترامب والرئيس الأوكراني زيلينسكي، وصفه بأنه “مهين”، مؤكداً أن مثل هذه التصرفات تُضعف صورة الولايات المتحدة عالميًا.
رغم أنه رفض توجيه نقد مباشر لحكم ترامب في بدايته، إلا أن بايدن قال بوضوح: “لا أرى أي شيء منتصر”، وأضاف أن التاريخ هو من سيحكم، لكنه عبّر عن ثقته بأن ترامب لن ينجح في إضعاف القضاء الأمريكي أو تجاوز صلاحيات الكونغرس، قائلاً: “زملاؤه بدأوا يدركون ما يدور في ذهنه”.
ورأى بايدن أن بعض الجمهوريين قد ينقلبون على ترامب، كما تنبأ بذلك سابقًا في عام 2019، عندما قال إن الحزب الجمهوري سيستعيد رشده بعد خروج ترامب من الحكم.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
مصير السفن الإسرائيلية بعد الاتفاق الأمريكي مع الحوثيين
