في خضم موجة جديدة من التصريحات المثيرة والسياسات الصادمة، يبدو أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب يتصرف في ولايته الثانية كما لو أن الالتزام بالدستور الأمريكي مسألة اختيارية.
في سلسلة من التحركات السياسية الأخيرة، والتحديات القانونية، والتعليقات والمقابلات، يظهر الرئيس الأمريكي أنه يتخلص من آخر القيود التي فرضها العرف والفهم العام الطويل لكيفية تصرف الرئيس.
في مقابلة مع برنامج “Meet the Press with Kristen Welker” على قناة NBC رفض ترامب تأكيد التزامه بالدستور، مجيبًا “لا أعرف” عندما سُئل عما إذا كان ملزمًا باحترامه، بعد أقل من 3 أشهر على أدائه القسم الدستوري.
تؤكد خطوات دونالد الأخيرة أن إدارته لا ترى في مؤسسات الدولة سوى أدوات يجب تطويعها لخدمة أهدافه، فقد تجاهلت أوامر المحكمة العليا في قضية مهاجر غير موثق، وشنت حملة غير مسبوقة على الجامعات وشركات المحاماة. هذا يشير إلى اتجاه سلطوي يهدد بتقويض النظام الجمهوري الذي لطالما حكم الولايات المتحدة.
يُكرّم ترامب أيضًا مؤيديه الذين سعدوا بهجومه على ما يرونه مؤسسات سياسية وقانونية وتعليمية وإعلامية وعسكرية مُزدرية وخاضعة لهيمنة الليبراليين، ويجادل كبار مساعديه بأن أفعاله مُبرَّرة بفوزه الانتخابي، وأنها تُجدي نفعًا، على سبيل المثال، في وقفه عمليات عبور الحدود الجنوبية، وفقًا لما نشرته CNN.
يشير سلوك ترامب أيضًا إلى نتائج محتملة أكثر قتامة لرئاسته الثانية التي يغذيها اعتقاده بأنه يتمتع بسلطة لا يمكن السيطرة عليها تقريبًا بعد انتصاره الانتخابي الثاني الذي أعقب تحديه لمشاكله القانونية الشخصية ومحاولتي اغتياله.
تتحدى إدارة ترامب المحاكم الفيدرالية مرارًا وتكرارًا، حتى المحكمة العليا في إحدى الحالات، بشأن مصير مهاجر غير موثق أمرت الإدارة بتسهيل عودته، في الوقت نفسه، يمارس الرئيس الأمريكي سلطات تنفيذية واسعة ضد المؤسسات التي يريد إسكاتها، بما في ذلك شركات المحاماة والجامعات.
ويبدو أحيانًا أن شعوره بالسلطة المطلقة يقود البلاد نحو الاستبداد، فقد صرّح على قناة إن بي سي بأنه لا يفكر في الترشح لولاية ثالثة في عام 2028 كما لو كان الأمر خيارًا شخصيًا بشأن التزامه بالدستور الذي تعتمد عليه الديمقراطية الأمريكية.
كما يواصل الإصرار على أن سياساته التجارية، بما فيها فرض رسوم جمركية باهظة على الصين، تصب في مصلحة المواطن الأمريكي. إلا أن آثار هذه الإجراءات على أسعار السلع الأساسية أثارت قلقاً واسعاً. تصريحات مثل “الأطفال لا يحتاجون 250 قلم رصاص، يمكنهم الاكتفاء بخمسة” تكشف عن تجاهل واضح لتأثير سياساته على الأسر العادية.
في لحظة تعكس طموحاته التوسعية، لم يستبعد ترامب استخدام القوة لضم غرينلاند، قائلًا إنه لا يستبعد أي خيار، وفي نفس المقابلة، قال إنه “لا يرى” ضرورة لغزو كندا، ما أثار موجة من الانتقادات والدهشة من اعتبار هذا النوع من السيناريوهات مطروحًا أساسًا.