تعود العلاقات بين السعودية وجمهورية الهند إلى أكثر من 75 عامًا، وتتميّز هذه العلاقة بعمقها التاريخي واستمرارها في التطور نحو آفاق أوسع من الشراكة الاستراتيجية.
وقد تطورت هذه العلاقات بشكل ملحوظ لتشمل التعاون السياسي، والاقتصادي، والتجاري، والدفاعي، والطاقة، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة.
شهدت العلاقات السعودية – الهندية العديد من الزيارات الرسمية التي أسهمت في تعزيز التعاون الثنائي، ففي عام 2014، زار ولي العهد آنذاك الملك سلمان بن عبدالعزيز جمهورية الهند، حيث التقى رئيس الجمهورية ونائبه، إضافة إلى رئيس الوزراء، وتم خلالها التأكيد على ضرورة تعزيز الشراكة الإستراتيجية وتطوير التعاون في كافة المجالات.
وفي أبريل 2016، زار رئيس الوزراء الهندي المملكة، وتم خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الاستثمار والتعاون الاقتصادي والتجاري، إلى جانب اتفاقيات في الطاقة والتقنية والدفاع.
شهدت القمم الدولية لقاءات مهمة جمعت قادة البلدين، من أبرزها قمة مجموعة العشرين في هانغجو عام 2016، وقمة بيونس آيرس في 2018، حيث ناقش الجانبان آفاق التعاون في السياسة والأمن والاستثمار والزراعة والطاقة والثقافة.
وفي عام 2019، وعلى هامش قمة أوساكا في اليابان، التقى ولي العهد رئيس الوزراء الهندي مرة أخرى، حيث ناقشا سبل تعزيز الشراكة والتعاون المشترك.
مثّلت زيارة ولي العهد إلى الهند عام 2019 نقطة تحول بارزة، حيث أُعلن خلالها عن تأسيس مجلس الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، ليكون منصة مؤسسية لدفع التعاون الثنائي، ويضم تمثيلًا وزاريًا واسعًا يشمل الاقتصاد، والثقافة، والأمن، والاستثمار، والطاقة.
وقد عُقد أول اجتماع للمجلس في سبتمبر 2023 خلال زيارة ولي العهد للهند، وتم خلاله استعراض إنجازات اللجان الوزارية المنبثقة عن المجلس في مجالات السياسات والأمن والتعاون الاجتماعي والاقتصادي.
عزز تأسيس مجلس الشراكة التوافق بين “رؤية السعودية 2030” والمبادرات الهندية مثل “اصنع في الهند”، و”المدن الذكية”، و”الهند الرقمية”، مما فتح آفاقًا جديدة للتعاون التقني والصناعي والرقمي.
خلال السنوات الأخيرة، وقعت المملكة والهند العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم شملت الطاقة، والصناعة الرقمية، وتحلية المياه، والأرشفة، ومكافحة الفساد، والتعاون بين بنوك التصدير والاستيراد، والبنوك الداعمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
تشير الأرقام إلى تطور ملحوظ في التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغ حجمه في عام 2024 نحو 39.9 مليار دولار.
وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، فيما تحتل المملكة المرتبة الخامسة بين شركاء الهند التجاريين، والثانية كمصدر للنفط الخام.
وتضم الصادرات السعودية إلى الهند منتجات مثل اللدائن، والمعادن، والأسمدة، والمنتجات الكيماوية، في حين تستورد المملكة من الهند السيارات وقطع الغيار، والآلات، والحبوب، والمعدات الكهربائية.
سجل رصيد الاستثمارات الهندية المباشرة في المملكة ارتفاعًا بنسبة 39% في عام 2023، ليصل إلى 4 مليارات دولار، مقارنة بـ2.39 مليار دولار في عام 2022. كما شهد منتدى الاستثمار السعودي – الهندي توقيع 53 اتفاقية ومذكرة تفاهم.
من جهة أخرى، بادرت شركات سعودية كبرى مثل أرامكو وسابك والزامل والبترجي إلى تنفيذ استثمارات ومشاريع في الهند، وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في الهند نحو 10 مليارات دولار.
يشكل التعاون في مجال الطاقة أحد أبرز أعمدة العلاقة بين البلدين، حيث تلتزم المملكة بتأمين احتياجات الهند من النفط الخام، وتحرص الدولتان على دعم استقرار الأسواق العالمية للطاقة.
قدمت المملكة دعمًا تنمويًا وإنسانيًا للهند تجاوز 193 مليون دولار، شمل قطاعات التعليم، والصحة، والأمن الغذائي، والنقل، والطاقة، وغيرها، وذلك وفقًا لبيانات منصة المساعدات السعودية.
زيارة رئيس الوزراء الهندي للمملكة… تأكيد لمكانتها الدولية
تعكس زيارة رئيس الوزراء الهندي للمملكة في أبريل 2025، تقدير الهند لمكانة المملكة السياسية والاقتصادية، ولدورها المحوري في الأمن الإقليمي والاستقرار العالمي، وهي زيارة تعزز الشراكة بين دولتين لهما تأثير متزايد في الاقتصاد العالمي والسياسات الإقليمية.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
السعودية تتصدر الشرق الأوسط في الجيومكانية وتدخل نادي العشرة الكبار عالميًا