في مدينة بلانو الواقعة بضواحي دالاس في ولاية تكساس، يبرز مركز شرق بلانو الإسلامي (EPIC) كواحد من أكبر المساجد في الولاية، بسعة 3200 مصلٍّ. المسجد لا يقف وحده، بل تحيط به منازل فخمة، ومدارس، وعيادات، وسوق إسلامي يعرف باسم “EPIC Market”، إضافة إلى مطاعم ومقاهٍ تقدم خدمات تراعي القيم الإسلامية مثل تقديم السجاد للمصلين وتوفير القهوة.
الحي المحيط بالمركز الإسلامي أصبح وجهة مفضلة لمئات الأسر المسلمة، وتقدر قيمة العديد من المنازل فيه بأكثر من مليون دولار. وتُظهر المشاهد اليومية سكان الحي وهم يسيرون نحو المسجد لأداء الصلوات الخمس، بينما يستقر آخرون في مجمعات سكنية قريبة أو في “Dari Living”، أول دار رعاية فاخرة لكبار السن المسلمين في أمريكا.
انطلاقًا من هذا المجتمع المتكامل، أعلنت إدارة المسجد عن مشروع طموح جديد يُعرف باسم “EPIC City“، وهي مدينة مخطط لها أن تُقام على مساحة 402 فدانًا شمال مدينة جوزفين، على بُعد نحو 40 دقيقة من بلانو.
المدينة الجديدة ستضم مسجدًا حديثًا، وأكثر من 1000 وحدة سكنية، إضافة إلى مساحات خضراء، ومدارس، ومرافق تجارية، لتكون مركزًا حضريًا يخدم الجالية المسلمة على غرار النمط المجتمعي الذي أنشأه المركز الحالي في بلانو.
ورغم طموح المشروع، أثار الإعلان عنه موجة كبيرة من الاعتراضات من سكان مدينة جوزفين الصغيرة، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 2000 نسمة. بعضهم أعرب عن قلقه من أن المشروع يهدف إلى “فرض نمط حياة ديني مختلف”، خصوصًا بعد الحديث عن نية تركيب نظام صوتي للبث العلني للأذان.
اعترضات أوصلت التوتر السياسي إلى أعلى المستويات، حيث صرح حاكم ولاية تكساس، غريغ أبوت، المعروف بمواقفه المتشددة ضد المهاجرين خاصة المسلمين منهم، أن المشروع “لن يرى النور أبدًا”، متهمًا القائمين على EPIC بممارسة الشريعة الإسلامية بشكل مخالف للقانون، رغم عدم توجيه أي تهم أو اعتقالات حتى الآن.
أفراد من الجالية الإسلامية الذين تحدثوا إلى وسائل الإعلام أعربوا عن دهشتهم من حجم الجدل، مؤكدين أن EPIC City لا تستهدف المسلمين فقط، بل ستكون متاحة للجميع، لكنها فقط تراعي خصوصيات المسلمين. وقالت نادين زيدان، طالبة تبلغ من العمر 18 عامًا: “هم يشعرون بالخوف لأنهم لا يعرفون. عندما يعرفون ويتعاملون مع المسلمين، تتغير نظرتهم”.
أما فاطمة زيدان، فقالت إن قرب السكن من المسجد ليس أمرًا دينيًا بحتًا، بل عملي ومريح، تمامًا كما يفضل بعض المسيحيين العيش بالقرب من كنائسهم.
في حديثها، قالت علياء حياة (80 عامًا)، وهي من أصل باكستاني وتعيش بالقرب من المسجد، إن الأذان هو أحد أكثر الأمور التي تربطها بهويتها الإيمانية، وأضافت: “لا يوجد مكان في أمريكا يمكنك سماع الأذان فيه. لكن عندما نسمعه هنا، تزداد قلوبنا إيمانًا.”
حتى الآن، لم يبدأ البناء في EPIC City فعليًا، ويبدو أن المشروع يواجه معركة سياسية وشعبية قبل أن تتحرك فيه أول جرافة. ومع تصاعد التوتر والخطاب السياسي، تبقى آمال الجالية المسلمة معلقة على إمكانية تحقيق حلمهم ببناء مجتمع حضري آمن يحترم هويتهم دون أن يُقصي الآخرين.
في الوقت نفسه، يسلط هذا الجدل الضوء على تعقيدات التعايش الديني والثقافي في المجتمعات الغربية، وعلى التحديات التي تواجه المسلمين في أمريكا وغيرها من الدول الغربية