في ظل الحرب التجارية المستمرة، يلتقي مسؤولون من الولايات المتحدة والصين في جنيف للتباحث حول القضايا الاقتصادية الأكثر تعقيدًا بين البلدين.
وفي هذه المفاوضات التي تشهدها سويسرا، من المتوقع أن يناقش وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، والممثل التجاري الأمريكي جايمي جرير، مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفينج، سبل التخفيف من حدة الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السلع الصينية.
ويأتي هذا اللقاء في وقت حساس، حيث تُواجه الاقتصاديات الكبرى تحديات ملحة. ففي الربع الأول من العام 2025، انكمش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.3% وسط مخاوف من احتمال انزلاقه إلى ركود، في حين شهدت الصين نموًا اقتصاديًا بلغ 5.4%، لكن توقعاتها المستقبلية تراجعت إلى 4% فقط، وهو ما يظل دون الهدف الرسمي للحكومة الصينية البالغ 5%.
ملامح النزاع التجاري: هل هناك أمل في التسوية؟
على الرغم من أن المحللين لا يتوقعون تحقيق اتفاق شامل في هذه الجولة من المفاوضات، فإنهم يعلقون أملهم في إمكانية تقديم خطوات جزئية نحو تخفيف الرسوم الجمركية التي تشكل عبئًا على الاقتصادين.
يقول ستيفن أولسون، الزميل البارز في معهد الدراسات الآسيوية، إنه “نأمل أن تكون هناك بعض التنازلات من الطرفين، بما في ذلك تراجع جزئي للرسوم الجمركية”. ويعتقد كثيرون أن من الممكن أن يُخْفَض الرسوم الأمريكية على السلع الصينية من 107% إلى نحو 45% بحلول نهاية العام.
ومن جهة أخرى، تخشى الصين من أن تضر الولايات المتحدة بمصالحها الاستراتيجية في حال واصلت فرض الرسوم الجمركية، خاصة في القطاعات الحساسة مثل المعادن النادرة. تُعد الصين أكبر منتج عالمي لهذه المعادن التي تستخدم في صناعة الإلكترونيات المتقدمة والسلع الدفاعية.
على الرغم من موقف الولايات المتحدة الأكثر صرامة في هذه المفاوضات، فإن الصين تمتلك أوراق ضغط قوية. فعلى سبيل المثال، تمتلك الصين احتياطيًا هائلًا من السندات الأمريكية التي يمكن أن تستخدمها للضغط على واشنطن إذا استمر التصعيد.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أطلق وزير التجارة الصيني “عملية خاصة” لمكافحة تهريب المعادن الاستراتيجية مثل الجاليوم والأنتيموني، والتي تؤدي دورًا حيويًا في صناعة التكنولوجيا المتقدمة. هذه الخطوة تأتي في وقت حساس، مع اقتراب موعد المفاوضات في جنيف.
كما أن الصين قد تضع شروطًا إضافية مثل تعزيز مكافحة تهريب الفنتانيل، وهو ما قد يُسهم في تخفيف الرسوم الجمركية المتعلقة بهذا العنصر الكيميائي. ورغم تفاؤل بعض المسؤولين الأمريكيين، فإن الصين لا تزال مصرة على مطالبة الولايات المتحدة بإلغاء جميع الرسوم الأحادية على السلع الصينية، وهو ما يصعب تحقيقه في الوقت القريب.
من المتوقع أن تسفر هذه المحادثات عن تحركات جزئية نحو تخفيض الرسوم الجمركية، ولكن تبقى الأمور غير واضحة. قد يُتخذ قرار بتخفيض الرسوم على بعض السلع الاستهلاكية والتقنية، وهو ما قد يُعزز العلاقات التجارية بين البلدين على نحو مؤقت.
في هذا السياق، صرح وزير التجارة الأمريكي، هاورد لوتنيك، يوم الجمعة بأن الهدف هو “خفض الرسوم الجمركية إلى حيث ينبغي أن تكون، وأن نعمل معًا على اتفاق أكبر في المستقبل”.
ورغم التفاؤل المبدئي، يبقى الطريق طويلًا نحو اتفاق كامل. يعتقد المحللون أنه من غير المحتمل أن يتم التوصل إلى اتفاق شامل مثل الاتفاق الذي وُقِّع خلال فترة ترامب الأولى في 2020. فالصين تزعم أنها التزمت بشروط الاتفاق، في حين أن الولايات المتحدة تعتبر أن الصين لم تفِ بجميع التزاماتها.
وفي ظل التصعيد الحالي، يبقى السؤال: هل ستستمر الصين والولايات المتحدة في المساومة على القضايا التجارية أم أن العقوبات الاقتصادية ستستمر في فرض عبء على الاقتصادين؟ يبقى هذا الموضوع مفتوحًا بانتظار نتائج المفاوضات القادمة.
اقرأ أيضًا:
المحادثات التجارية بين أمريكا والصين.. العالم يترقب نتائج اجتماعات جنيف
إنفوجرافيك | خفض توقعات النمو الاقتصادي في 2025
