بلغت ودائع البنوك السعودية 2.9 تريليون ريال بنهاية الربع الثالث من عام 2025، وذلك في خضم مرحلة دقيقة يشهدها القطاع المصرفي تتميز باتساع الفجوة بين نمو القروض والودائع، في وقت يواصل فيه الاقتصاد غير النفطي نموه، مدفوعًا بزيادة الإنفاق الاستثماري ومشاريع “رؤية 2030” الطموحة.
كم تبلغ ودائع البنوك السعودية؟
وتُظهر البيانات التفصيلية لنهاية الربع الثالث 2025، استمرار بنك “الراجحي” في صدارة القائمة بأكبر حصة من الودائع، مسجلًا 670 مليار ريال، وبنمو سنوي بلغ 7.60%، ويليه مباشرة “البنك الأهلي السعودي” في المرتبة الثانية بإجمالي ودائع 639 مليار ريال، لكن بنسبة نمو أبطأ بلغت 0.80%.
وفي المرتبة الثالثة، جاء “بنك الرياض” بودائع قيمتها 325 مليار ريال ونمو لافت بنسبة 10.80%، يليه “بنك الأول” بـ 315 مليار ريال (نمو 14%)، ثم “بنك الإنماء” بـ 234 مليار ريال (نمو 12.20%).
ورغم استمرار تدفق الودائع، خاصة من الكيانات الحكومية والشركات الكبرى، إلا أن وتيرة نمو القروض ظلت تتفوق عليها بشكل ملحوظ.
وتشير وكالة “موديز” أن نسبة القروض إلى الودائع تراوحت بين 95% و100% في الفترة من 2020 إلى 2025، ما وضع البنوك أمام تحدي سيولة حقيقي.
ويُعزى هذا الطلب المتسارع على الائتمان إلى تمويل قطاعات حيوية مثل العقارات، والبنية التحتية، والرعاية الصحية، والنقل، حيث بلغت القروض الموجهة للشركات وحدها نحو 1.8 تريليون ريال في الربع الثاني 2025.
ودفعت هذه الفجوة البنوك إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة لتعزيز ميزانياتها، ولجأ القطاع المصرفي بكثافة إلى أسواق الدين المحلية والدولية، حيث بلغت قيمة إصدارات أدوات الدين نحو 56 مليار ريال في 2024، وهو ما يمثل أكثر من ضعف مستويات 2023.
وتكشف الأرقام أن البنوك كثفت إصداراتها خلال العام الجاري 2025 لتبلغ 15.39 مليار دولار، مع تفضيل واضح لأدوات رأس المال من المستوى الأول (AT1) والثاني (Tier 2) لما توفره من مرونة تمويلية وتنظيمية.
ويعكس هذا التحول ارتفاعًا في نسبة التمويل الأجنبي من 6% في 2020 إلى 11% في 2025.
وبينما يوفر هذا التمويل مرونة، فإنه يزيد من تعرض البنوك لمخاطر تقلبات أسعار الصرف وإعادة التمويل في الأسواق العالمية.
ولمواجهة هذه المخاطر، استحدث البنك المركزي السعودي (ساما) متطلبات رأس مال احتياطية ويراقب عن كثب سيولة العملات الأجنبية.
ويشهد سوق ودائع البنوك السعودية حاليًا تغيرًا هيكليًا، مع تراجع الودائع تحت الطلب (منخفضة التكلفة) مقابل زيادة ودائع الأجل (عالية التكلفة) بسبب بيئة أسعار الفائدة المرتفعة.
وتتوقع “موديز” أن يستمر هذا الاعتماد على التمويل البديل مؤقتًا، إلى أن يتباطأ نمو الائتمان ويعود التوازن التدريجي إلى سوق ودائع البنوك السعودية.
وتبقى ودائع البنوك السعودية الركيزة الأساسية للتمويل، لكنها تخضع لمنافسة محتدمة في ظل السباق الحالي على السيولة.












