واصلت دور السينما السعودية تحقيق قفزات نوعية، مدفوعةً بدعم حكومي قوي ورؤية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل والترفيه، لتتحول في سنوات قليلة إلى السوق السينمائية الرائدة في الشرق الأوسط منذ عام 2020.
وتعكس الأرقام الأخيرة الصادرة عن هيئة الأفلام للنصف الأول من عام 2025 هذا النمو المتسارع، حيث بلغت إيرادات شباك التذاكر 448.1 مليون ريال، ناتجة عن بيع 9.1 مليون تذكرة، مما يؤكد أن قطاع السينما لم يعد مجرد قطاع ترفيهي، بل أصبح رافدًا اقتصاديًا واستثماريًا مهمًا.
في مداخلة له مع برنامج “أسواق السعودية” على قناة “الإخبارية”، قال الدكتور هاشم النمر، أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة جدة، إن “السعودية منذ أن أطلقت رؤية 2030 وهي في سعي دائم لتنويع مصادر الدخل والترفيه، ومن ضمن هذا الاتجاه وجود السنما”.
وأضاف أن “الأرقام تتحدث عن نفسها، ففي عام 2022 كان الدخل السنوي من السينما حوالي 240 مليون دولار، وحسب تقرير هيئة الأفلام الأخير، ارتفعت إيرادات شباك التذاكر بالمملكة إلى 448.1 مليون ريال في النصف الأول فقط من 2025”.
ويأتي هذا النمو مدعومًا ببنية تحتية قوية ومستمرة في التوسع، حيث أوضح النمر أن “الدولة دعمت وجود السينما باستثمارات مباشرة في الإنتاج والبنية التحتية لدور السينما، فهناك حوالي 65 دار سينما في المملكة بـ 635 شاشة في 20 مدينة وهذا الرقم في تزايد من عام إلى آخر”.
وتعمل في السوق 8 شركات تشغيل لدور السينما، مما يخلق بيئة تنافسية صحية تخدم المشاهد في النهاية، مع وصول متوسط سعر التذكرة إلى حوالي 49 ريالًا سعوديًا.
ورغم أن الأفلام الأمريكية لا تزال تستحوذ على الحصة الأكبر من السوق بنسبة تقارب 60%، إلا أن المؤشر الأكثر إيجابية هو النمو المتسارع لحصة الفيلم السعودي.
وحول هذه النقطة علّق النمر قائلًا: “المبهج أن نسبة مشاركة الأفلام السعودية من مجموع الأفلام تتسارع، وارتفعت من 3% إلى 7% ونتوقع أن تتجاوز 10% بنهاية 2025”.
كما يلعب التحفيز الحكومي دورًا محوريًا في استدامة هذا النمو، حيث لا يقتصر الدعم على المدن الرئيسية فقط، بل يمتد ليشمل، بحسب النمر، “محفزات لدور السينما التي يتم فتحها في مناطق لا تمثل مدن رئيسية”.
ويتوقع الخبراء أن تسهم الأحداث العالمية الكبرى التي تستضيفها المملكة، مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، في تعزيز هذا الانتشار، بالإضافة إلى دور السياحة الثقافية التي تبرز القيم السعودية من خلال نافذة السينما، مما يجعل دور السينما السعودية جزءًا لا يتجزأ من المشهد الثقافي والاقتصادي المستقبلي للمملكة.
