يكشف تقرير قائم على بيانات دولية أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وصل إلى مستويات مقلقة عالميًا، فيما تحتل دولة عربية المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأعلى استهلاكًا لهذه العقاقير لعام 2022.
وتتأتي أهمية هذا التصنيف لتزامن صدور البيانات مع تزايد فيه القلق العالمي من انتشار “الجراثيم الخارقة” المقاومة للأدوية، والتي يرجع سببها الرئيسي إلى الاستخدام المفرط وغير المبرر للمضادات الحيوية، مما يهدد بجعل الأمراض الشائعة غير قابلة للعلاج مرة أخرى.
وتتصدر إيران القائمة العالمية بمعدل استهلاك بلغ 68 جرعة يومية لكل 1000 شخص، وهو رقم يتجاوز بثلاثة أضعاف المتوسط العالمي البالغ 18 جرعة، وتليها مباشرة جنوب أفريقيا بمعدل 51 جرعة، ثم مصر في المرتبة الثالثة بمعدل 50 جرعة.
وتُظهر هذه الأرقام المرتفعة وجود فجوة كبيرة في سياسات التحكم الدوائي، خاصة في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
ويُرجع الخبراء هذا الاستهلاك المفرط لعقاقير المضادات الحيوية في دول مثل إيران ومصر إلى عوامل متداخلة، أبرزها ضعف الرقابة على وصف الأدوية وسهولة الحصول عليها دون وصفة طبية من الصيدليات.
وأظهرت دراسة حديثة في إيران أن ما يقرب من نصف الوصفات الطبية لأدوية المضادات الحيوية في العيادات الخارجية “تفتقر إلى المبرر الطبي”.
وينطبق هذا النمط على العديد من الاقتصادات الناشئة الأخرى مثل بنغلاديش (49 جرعة) وتنزانيا (35 جرعة)، حيث يتجاوز استهلاكها أي دولة في الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية المنظمة، مما يدفع المرضى إلى الاعتماد على الصيدليات والباعة غير الرسميين للحصول على العلاج.
ويظهر التقرير تباينًا واضحًا حتى داخل القارة الأوروبية، حيث تستهلك دول الجنوب كميات أكبر بكثير من المضادات الحيوية مقارنة بدول الشمال، فعلى سبيل المثال، تسجل كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا معدلات تقارب 25 جرعة، بينما تحافظ دول الشمال مثل الدنمارك والنرويج على معدلات تقل عن 15 جرعة.
ويعود هذا الاختلاف إلى الثقافة الطبية السائدة، وخطط العمل الوطنية لمكافحة مقاومة الميكروبات، وتوافر بدائل علاجية دقيقة وموجهة.
وفي المقابل، تحتل الولايات المتحدة المرتبة 23 بمعدل استهلاك يبلغ 22 جرعة لكل 1000 شخص، وهو معدل أعلى من جارتها كندا (15 جرعة) وبريطانيا (20 جرعة)، ولكنه يظل أقل من معظم دول جنوب أوروبا.
وعلى الرغم من انخفاض الوصفات الطبية للمضادات الحيوية في أمريكا بنسبة 13% بين عامي 2011 و2019 بفضل حملات التوعية، تشير الدراسات أن حوالي ثلث الوصفات الطبية لا تزال “غير ضرورية”، مما يؤكد أن هناك حاجة ماسة لترشيد استهلاك المضادات الحيوية عالميًا لتجنب أزمة صحية وشيكة.