logo alelm
أكبر مشتري الديون الأمريكية

تعتبر سندات الخزانة الأمريكية من أهم الأدوات المالية العالمية، وتلعب دورًا رئيسيًا في إدارة السيولة والاستثمار الآمن على مستوى العالم. يحظى هذا السوق بإقبال كبير من المشترين الأجانب، نظرًا لما توفره هذه السندات من أمان نسبي وعوائد مستقرة مقارنةً بأصول أخرى. في السنوات الأخيرة، ظهرت فئة جديدة من المشترين غير التقليديين، وهي شركات إصدار العملات المستقرة، التي أصبحت لاعبًا مهمًا في هذا السوق.

المشترون الرئيسيون

على الرغم من أن سندات الخزانة الأمريكية سوق ضخم ومتنوع، إلا أن بعض الدول والمناطق تهيمن على أكبر الزيادات في الحيازات. جزر كايمان كانت أكبر مشترٍ بين يونيو 2024 ويونيو 2025، حيث بلغت مشترياتها 116 مليار دولار. وبالرغم من صغر حجمها الجغرافي، فإنها مركز قانوني للعديد من صناديق التحوط العالمية، وبالتالي تمثل مشتريات هذه الصناديق جزءًا كبيرًا من إجمالي مشتريات جزر كايمان، ما يبرز تأثيرها غير المباشر على السوق الأمريكي.

وجاءت بلجيكا في المرتبة الثانية من حيث الزيادة في حيازة سندات الخزانة الأمريكية، ويرجع ذلك جزئيًا لاحتضانها لشركة Euroclear، وهي جهة تقوم بالاحتفاظ بالأوراق المالية نيابة عن مستثمرين آخرين، مما يجعل حيازاتها تعكس أصولًا تعود فعليًا إلى أطراف متعددة حول العالم. أما المملكة المتحدة وفرنسا وكندا، فقد سجلت أيضًا زيادات ملحوظة في حيازاتها، ما يعكس استمرار الطلب التقليدي على هذه الأداة المالية الآمنة.

دور شركات العملات المستقرة

في السنوات الأخيرة، ظهرت شركات إصدار العملات المستقرة كأحد المشترين الكبار لسندات الخزانة الأمريكية. شركات مثل Tether وCircle استثمرت حوالي 41 مليار دولار في هذه السندات، وهو حجم يتجاوز مشتريات دول مثل سنغافورة والنرويج. السبب وراء هذا التوجه واضح: كل دولار رقمي يجب أن يكون مدعومًا بأصل نقدي أو شبه نقدي لضمان استقراره وثقة المستخدمين. لذلك، تلجأ هذه الشركات للاستثمار في أصول آمنة وسائلة، مثل سندات الخزانة الأمريكية وصناديق السوق النقدي، لتلبية هذا الشرط.

ومع ذلك، ينطوي هذا الدور الجديد على مخاطر محتملة. ففي حالة حدوث سحوبات كبيرة ومفاجئة من قبل حاملي العملات المستقرة، قد تضطر هذه الشركات إلى بيع سنداتها بسرعة، مما قد يؤدي إلى اضطراب في سوق السندات الأمريكي ويؤثر على أسعارها وعوائدها. في الوقت نفسه، يضيف وجود هذه الشركات بعدًا جديدًا للطلب على السندات، مما يزيد من عمق السوق ويحفز السيولة، لكنه يخلق أيضًا اعتمادًا متزايدًا على فئة جديدة من المستثمرين غير التقليديين.

المخاطر والتداعيات المستقبلية

الاعتماد المتزايد على شركات العملات المستقرة يحمل مخاطر نظامية واضحة؛ إذا واجهت هذه الشركات طلبات استرداد ضخمة، فإن عمليات التصفية السريعة قد تتسبب في تقلبات حادة في أسعار سندات الخزانة، وهو ما قد يؤثر على استقرار السوق الأمريكي بوجه عام. من جهة أخرى، يوضح هذا التطور كيف أن السوق يتغير ويتوسع ليشمل مشترين جدد، ما يستدعي متابعة دقيقة من قبل الجهات التنظيمية والمستثمرين لضمان استقرار النظام المالي.

بناءً على ذلك، يمكن القول إن سوق سندات الخزانة الأمريكية يشهد تحولًا مهمًا في هيكل الطلب، حيث تتفاعل القوى التقليدية مع المشترين الجدد غير التقليديين، وهو ما يزيد من تعقيد إدارة المخاطر ويستدعي وعيًا أكبر بالممارسات الاستثمارية والسياسات المالية المستقبلية.

شارك هذا المنشور:

المقالة السابقة

بوتين يلوّح بضرب منشآت نووية أوكرانية