تكشف أحدث البيانات التقديرية لعام 2025 عن خريطة توزيع البنية التحتية للطيران عالميًا، مُظهرة تفاوتًا هائلاً في قائمة الدول التي لديها أكبر عدد من المطارات، حيث تواصل الولايات المتحدة تصدرها للمشهد العالمي بفارق شاسع، في حين تعكس أرقام دول أخرى مثل الصين استراتيجيات وطنية بديلة تعتمد على وسائل نقل متطورة كالقطارات فائقة السرعة.
وتظهر الأرقام أن الولايات المتحدة تمتلك وحدها 16,116 مطارًا، وهو ما يمثل 34.1% من إجمالي المطارات في العالم، متجاوزة بذلك أقرب منافسيها، البرازيل، بأكثر من ثلاثة أضعاف.
ويرجع هذا التفوق الساحق إلى مجموعة من العوامل المتشابكة، أبرزها المساحة الجغرافية الشاسعة للبلاد وتنوع تضاريسها، إلى جانب تاريخ طويل من الاعتماد على الطيران الإقليمي لربط ولاياتها ومدنها المترامية الأطراف، بدءًا من المهابط الجوية الصغيرة في المناطق الريفية وصولًا إلى المحاور الدولية الضخمة.
يفرض هذا الانتشار الهائل للبنية التحتية الجوية تحديات لوجستية وتشغيلية كبيرة، إذ يتطلب هذا العدد الضخم من المطارات جيشًا من العاملين لتشغيلها بكفاءة.
وبرزت أزمة نقص الموظفين كأحد العوامل المساهمة في حوادث طيران خطيرة، كما أن بيانات إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) حتى أواخر عام 2023 كشفت أن 128 من أصل 290 منشأة للمراقبة الجوية تعمل بأقل من 85% من عدد الموظفين المستهدف، مما يسلط الضوء على الضغط الذي يواجهه قطاع الطيران الأمريكي للحفاظ على مستويات السلامة مع هذا الكم الهائل من العمليات، وهو ما يؤثر حتمًا على ترتيب الدول التي لديها أكبر عدد من المطارات.
وفي المقابل، تقدم الصين نموذجًا مغايرًا تمامًا؛ فعلى الرغم من تعداد سكانها الهائل ومساحتها الجغرافية الواسعة، إلا أن عدد مطاراتها يبدو منخفضًا بشكل لافت (552 مطارًا).
ويفسر الخبراء ذلك بالتركيز الاستراتيجي للصين على تطوير شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة، التي امتدت لتصل إلى 45,000 كيلومتر بحلول عام 2023.
ونجحت هذه الشبكة في استيعاب جزء كبير من حركة النقل الإقليمي وبين المدن، والتي كانت ستعتمد بشكل أساسي على الرحلات الجوية قصيرة المدى في نماذج أخرى، وهو ما يفسر موقعها في قائمة الدول التي لديها أكبر عدد من المطارات.
كما يضاف إلى ذلك عامل ديموغرافي مهم، وهو أن الكثافة السكانية في الصين تتركز بشكل كبير في مقاطعاتها الشرقية، على عكس دول مثل الولايات المتحدة والبرازيل التي تنتشر فيها التجمعات السكانية على مساحات أوسع وأكثر تباعدًا، مما يزيد من الحاجة إلى المطارات لضمان الاتصالية.
وتسيطر دول من الأمريكتين على المراكز الخمسة الأولى، فبعد الولايات المتحدة والبرازيل (5,297 مطارًا)، تأتي المكسيك وكندا في المركزين الرابع والخامس على التوالي، مما يبرز أهمية النقل الجوي في هذه القارة. وهذا يوضح تباين أولويات البنية التحتية بين الدول التي لديها أكبر عدد من المطارات.
