كشفت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية عن بيانات تتبع غير مسبوقة لطائرين من نوع النسر الأسمر الأوراسي المهدد بالانقراض، أظهرا قدرة مذهلة على التحليق لمسافات هائلة، حيث قطعا معًا مسافة إجمالية بلغت 245,632 كيلومترًا عبر 8 دول خلال 29 شهرًا فقط.
وتُعد هذه الدراسة، التي نُشرت تفاصيلها الخميس، بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بالنسور، الأولى من نوعها في المملكة، وتهدف إلى تسليط الضوء على التحديات العالمية التي تواجه هذه الطيور الحيوية للأنظمة البيئية، مؤكدة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي لضمان بقائها.
أطلقت المحمية الطائرين في أبريل 2023 بعد إعادة تأهيلهما وتزويدهما بأجهزة تتبع متطورة تعمل بالطاقة الشمسية، ويُظهر مسار النسر الأول رحلة ملحمية بطول 119,499 كيلومترًا، انطلق فيها من شمال غرب المملكة، مرورًا بالأردن وسوريا والعراق وتركيا، وصولًا إلى جبال أرمينيا وأذربيجان حيث استقر، وسجلت الأجهزة تحليقه على ارتفاعات شاهقة وصلت إلى 6,527 مترًا وبسرعة بلغت 123 كيلومترًا في الساعة.
أما الطائر الثاني، فقد اتخذ مسارًا مختلفًا قاطعًا مسافة 126,133 كيلومترًا عبر المملكة والعراق وتركيا وإيران، قبل أن يستقر في جبال القوقاز الصغرى، وقد سجل هذا النسر أرقامًا قياسية بتحليقه على ارتفاع وصل إلى 9,029 مترًا فوق سطح البحر، أي ما يعادل 3 أضعاف ارتفاع طيران طائرة خفيفة، وبسرعة قصوى بلغت 128 كيلومترًا في الساعة.
ويوضح الرئيس التنفيذي لمحمية الأمير محمد بن سلمان، آندرو زالوميس، أن هذه المسافة المذهلة التي قطعها الطائران تعادل الدوران حول كوكب الأرض 6 مرات، مما يؤكد على الحاجة الماسة لتبني استراتيجيات حماية إقليمية عابرة للحدود، خاصة مع تحذيرات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة من أن 16 من أصل 23 نوعًا من النسور في العالم مهددة بالانقراض.
وأثمرت جهود المراقبة الدقيقة التي تقوم بها محمية الأمير محمد بن سلمان عن نتائج ملموسة على الأرض، فبفضل بيانات التتبع، تمكنت فرق الرصد من تحديد مواقع أعشاش نشطة للنسور، حيث تم اكتشاف أربعة أعشاش في سبتمبر 2024، مما يعكس نجاح المحمية في توفير ملاذ آمن وموئل مثالي لهذه الأنواع.
وتلتزم محمية الأمير محمد بن سلمان بمشاركة هذه البيانات القيمة مع المجتمع العلمي العالمي لدعم خطط الحفاظ على الأنواع المهاجرة، وهو ما يترجم التزام المملكة بالاتفاقيات الدولية البيئية ويتكامل مع مبادرات كبرى مثل “السعودية الخضراء”.
وتُعد محمية الأمير محمد بن سلمان، التي تمتد على مساحة 24,500 كيلومتر مربع، واحدة من أكثر المناطق تنوعًا بيئيًا في الشرق الأوسط.