في يوم حافل بالدراما السياسية والعسكرية، كشفت الساعات القليلة الماضية عن صدام بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مكالمة هاتفية حول اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران والاحتلال.
فبينما كانت المقاتلات الإسرائيلية في طريقها لتنفيذ رد عسكري واسع على إيران، جرت مكالمة ترامب ونتنياهو الهاتفية التي غيرت مسار الأحداث، ومنعت في اللحظات الأخيرة انهيار الهدنة انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية شاملة، وكشفت عن عمق الخلاف في وجهات النظر بين الحليفين المقربين.
بدأ المشهد يتكشف صباح اليوم الثلاثاء، عندما خرقت إيران والاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي لم يمر على إعلانه سوى ساعات، حيث أطلقت طهران ثلاث دفعات من الصواريخ، ورد الاحتلال بأمر وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس بالرد، وتأهبت القوات الجوية لتنفيذ هجوم واسع.
لكن قبل أن تغادر طائرته الرئاسية “مارين وان” متوجهًا إلى قمة الناتو، ظهر الرئيس ترامب أمام الصحفيين معبرًا عن إحباطه الشديد ليس فقط من إيران، بل من إسرائيل أيضًا. وقال بنبرة غاضبة: “لقد انتهكوا الاتفاق، وإسرائيل انتهكته أيضًا.. لستُ سعيدًا بخروج إسرائيل هذا الصباح بسبب صاروخ واحد أطلقته إيران، ربما عن طريق الخطأ”.
ثم انتقل ترامب إلى منصته “تروث سوشيال” ليوجه أمرًا علنيًا ومباشرًا بشكل استثنائي: “إسرائيل. لا تسقطوا هذه القنابل. إذا فعلتم ذلك، فسيكون ذلك انتهاكًا كبيرًا. أعيدوا طياريكم إلى ديارهم الآن!”. ومهدت هذه الضغوط العلنية الطريق لإجراء مكالمة ترامب ونتنياهو الأكثر أهمية.
بينما كانت الطائرات الإسرائيلية لا تزال في الجو، جرت مكالمة ترامب ونتنياهو التي وصفتها مصادر من الطرفين نقلت عنهم وكالة “أكسيوس” بأنها كانت “حازمة ومباشرة للغاية” من جانب الرئيس الأمريكي. وبحسب مسؤول إسرائيلي كبير، ضغط ترامب بقوة على نتنياهو لإلغاء الضربة بالكامل، حفاظًا على الهدنة التي رعتها إدارته.
من جانبه، جادل نتنياهو بأنه لا يمكن لإسرائيل أن تقف مكتوفة الأيدي أمام الانتهاك الإيراني، وأن هناك حاجة إلى رد، ولو محدود، للحفاظ على قوة الردع الإسرائيلية. وبعد نقاش مشحون، تم التوصل إلى حل وسط حال دون انهيار كامل للوضع، إذ وافق نتنياهو على استدعاء المقاتلات وإلغاء الهجوم واسع النطاق الذي كان مخططًا له، والاكتفاء بتوجيه ضربة محدودة جدًا استهدفت نظام رادار واحد فقط خارج طهران.
بعد انتهاء المكالمة، بدأ كل طرف في تقديم روايته الخاصة للحدث، في محاولة للسيطرة على السرد الإعلامي. فقال ترامب عبر منصته: “لن تهاجم إسرائيل إيران. جميع الطائرات ستعود أدراجها.. وقف إطلاق النار ساري المفعول!”.
رواية نتنياهو: أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانًا بصياغة دبلوماسية حذرة، تتجاهل تمامًا أي ذكر للضغط أو التوتر الذي شاب مكالمة ترامب ونتنياهو. وجاء في البيان أن ترامب أعرب خلال المكالمة عن “تقديره العميق لإسرائيل التي حققت جميع أهداف الحرب. كما أعرب عن ثقته باستقرار وقف إطلاق النار”.