في عالم يتسارع فيه التمدن، تبرز المدن الكبرى كقاطرات اقتصادية رئيسية، يعتمد ازدهارها بشكل حيوي على سكانها في سن العمل (الفئة العمرية 25-64 عامًا)، الذين يشكلون عصب الاقتصادات المحلية.
ويكشف تحليل حديث لبيانات “أكسفورد إيكونوميكس” عبر “سي بي آر إي ريسيرش” عن المدن التي تحتضن أكبر التجمعات السكانية في هذه الفئة المنتجة على مستوى العالم.
تهيمن المدن الصينية بشكل لافت على قائمة أكبر القوى العاملة الحضرية، حيث تحتل 4 من المراكز الخمسة الأولى عالميًا. وتأتي شنغهاي في المقدمة بـ 18.4 مليون نسمة ضمن الفئة العاملة، تليها العاصمة بكين بـ 16.5 مليون نسمة. أما مدينة شنتشن، التي تحل خامسًا في القائمة، فتتميز بكونها مركزًا صناعيًا حيويًا، وبأعلى نسبة تركيز للسكان في سن العمل (83.3% من إجمالي سكانها) بين المدن الكبرى.
وتجدر الإشارة إلى أنه بينما تتصدر بكين من حيث تركيز تمويل الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 66%، يظل وادي السيليكون المركز العالمي الأبرز من حيث القيمة المطلقة لتمويلات هذا القطاع، مستأثرًا بأكثر من 65% من الإجمالي العالمي.
وتشمل القائمة أيضًا مدنًا رئيسية من الهند، أكبر دول العالم تعدادًا للسكان، حيث تبرز دلهي ومومباي ضمن المراكز الحضرية ذات القوى العاملة الضخمة. ومن الولايات المتحدة، تحتل نيويورك المرتبة السادسة عالميًا بـ 13.3 مليون بالغ في سن العمل، إلى جانب مدن أمريكية أخرى ذات ثقل سكاني عامل كبير مثل لوس أنجلوس، وشيكاغو، ودالاس.
وعند النظر إلى معدلات نمو هذه الشريحة السكانية النشطة خلال السنوات الخمس الماضية (2019-2024)، تتصدر مدينة بنغالورو الهندية المشهد العالمي بمعدل نمو سنوي لافت بلغ 2.4%. تتبعها تورونتو، المركز المالي الكندي، بنمو قدره 2.2%، ثم مدينة شنتشن الصينية مجددًا بنسبة نمو تبلغ 2.1%.
في المقابل، لا تشهد جميع أسواق العمل الحضرية هذا الزخم الإيجابي. إذ تواجه مدن كبرى مثل سيول، وهونغ كونغ، وسان فرانسيسكو تحديات ديموغرافية ملموسة، تتمثل في انكماش أعداد سكانها في سن العمل. ويُعزى هذا التراجع إلى عوامل مجتمعة تشمل ارتفاع متوسط العمر، وانخفاض معدلات المواليد، بالإضافة إلى تأثيرات أنماط الهجرة المتغيرة.