يثير تأثير تناول اللحوم الحمراء على جودة النوم جدلاً واسعًا، حيث تتفاوت تجارب الأفراد بين شعور بتحسن طفيف وآخرين يعانون من ليلة مضطربة.
ورغم أن البعض قد يشعر بالنعاس المبدئي بعد وجبة لحم دسمة، نتيجة الجهد الذي يبذله الجسم لهضم محتواها العالي من الدهون والبروتينات، إلا أن هذا الإحساس قد يكون خادعًا.
تحذر الأبحاث من أن تناول الطعام، وخاصة اللحوم الحمراء، في وقت متأخر قبيل الخلود للفراش قد يعرقل دورة النوم الطبيعية. فاستمرار نشاط الجهاز الهضمي يتعارض مع حاجة الجسم للاسترخاء العميق، وقد يؤدي إلى اضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية، فضلًا عن احتمالية تفاقم مشكلات كانقطاع التنفس أثناء النوم أو ارتجاع الحمض المعدي.
المفارقة تكمن في أن اللحوم الحمراء تحتوي بالفعل على أحماض أمينية مثل التربتوفان والتيروزين، وهي مواد أولية لإنتاج السيروتونين والدوبامين والميلاتونين – وهي نواقل عصبية تلعب دورًا في تنظيم دورات النوم والشعور بالاسترخاء. ومع ذلك، كشفت دراسة حديثة أن استهلاك اللحوم قد يُفضي فعليًا إلى تقليل مدة النوم الإجمالية وتدهور نوعيته، ويزداد هذا التأثير السلبي مع زيادة الكمية المتناولة.
يفسر العلماء هذه الظاهرة بأن اللحوم الحمراء غنية أيضًا بأحماض أمينية أخرى تتنافس بقوة مع التربتوفان والتيروزين على الامتصاص والوصول إلى الدماغ. هذه المنافسة تقلل من الكمية المتاحة من الأحماض الأمينية المساعدة على النوم ليتم تحويلها إلى مواد كيميائية دماغية تعزز الاسترخاء، مما قد يبطل أو يقلل من تأثيرها الإيجابي المحتمل على النوم.
وتذهب بعض النصائح منتشرة على الإنترنت إلى أن الإفراط في تناول اللحوم يُسبب اضطرابًا في النوم، خاصةً مع التقدم في السن. ومع ذلك، فإن الامتناع عن تناول اللحوم تمامًا قد يُسبب نقصًا في الفيتامينات لدى البعض، مما يُفاقم مشاكل النوم. تكمن المشكلة الرئيسية المتعلقة باللحوم والنوم في صعوبة هضمها، نظرًا لارتفاع محتواها من الدهون والبروتينات، مما يُسبب اضطرابًا في النوم.
كما يُمكن أن يُسبب تناول اللحوم عسر الهضم. لذلك، من المهم تجنب تناول اللحوم قبل النوم بفترة وجيزة. بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع نظام غذائي يحتوي على الكثير من اللحوم قد يُسبب مشاكل في القلب والوزن، والتي تُؤثر بدورها على النوم. في نهاية المطاف، تظل الاستجابة الفردية لتناول اللحوم الحمراء قبيل النوم متباينة وتخضع لعوامل متعددة، منها التركيبة النوعية للأحماض الأمينية في الوجبة، والأنماط الحياتية الخاصة بكل شخص، بالإضافة إلى الفروقات في عمليات الأيض وكيفية تفاعل الجسم مع العناصر الغذائية المختلفة.